لأنّا نقول: إنّ الوجوب، وإن كان من الأُمور الاعتبارية ، إلاّ أنّه كاشف عن تعلّق الإرادة الحقيقية بالشيء. فتعلّق الوجوبين الاعتباريين، كاشف عن تعلّق الإرادتين الحقيقيّتين بشيء واحد فهو غير ممكن، كعدم إمكان تعلّق العلمين بمعلوم واحد مالم يكن هناك تعدّد في ناحية المراد و المعلوم، كما هو المفروض. إلى هنا تمّ توضيح وتحقيق وجود المانع عن تعلّق الإرادة الغيرية. ثمّ إنّ المحقّق النائيني صار بصدد رفع المانع ببيان ذكره صاحب المحاضرات وحاصله:أنّ اجتماع الحكمين المذكورين، في شيء واحد، لا يُؤدّي إلى اجتماع المثلين، بل يؤدِّي إلى اندكاك أحدهما في الآخر، فيصيران حكماً واحداً مؤكّداً، كما في كلّ واجب نفسي وقع مقدمة لواجب آخر، كصلاة الظهر بالإضافة إلى صلاة العصر، حيث إنّها واجب نفسي، و في الوقت نفسه واجب غيري باعتبار كونها مقدمة لصلاة العصر. و مثله ما لو نذر النافلة في المسجد، فالوجوب الآتي من قبل النذر يندكّ في الاستحباب النفسي.(1) ولا يخفى ما فيه من الضعف. أمّا أوّلاً: فلأنّ الاندكاك فرع إمكان التعلّق، فإذا كان التعلّق غير ممكن لاستلزامه اجتماع المثلين فلا يصل الدور إلى الاندكاك والحاصل أنّ الاندكاك مرحلة العلاج، فلابدّ من تصحيح الاجتماع قبله. وثانياً: فانّ الأمر النفسي تعلّق بنفس الظهر، وأمّا الغيري فقد تعلّق بتقدّم الظهر على العصر أو بتأخّرها عن الظهر. وعلى كلّ تقدير، يكفي تعدّد العنوان في تعدّد الأمر، و إن كانت الصلاة الواحدة مصداقاً للعنوانين. وأوضح من هذا ما ذكره من المثال، فإنّالأمر الوجوبي تعلّق بنفس الوفاء بالنذر، كقوله تعالى:(وَ لْيوفُوا نُذورَهُم) (الحج/29). والأمر الاستحبابي تعلّق