الأُمور التكوينية الحقيقية لا الأُمور الاعتبارية. و إسراء حكم التكوين إلى عالم الاعتبار من غرائب الأوهام. وإ ن أُريد من التكليف، الإرادة الحقيقية البارزة في ذهن المولى، فالذي هو شرط لظهورها هو علمه ووقوفه على أنّ في إكرام زيد غداً مصلحة ملزمة، و هذا العلم يصير سبباًلانقداح الإرادة في ذهن المولى، و هو موجود حينها. كما أنّعلمه بقدرة المكلّف على المأمور به، في ظرفه ولو بسبب الاغتراف بعدحصوله موجب لانبعاث إرادته في ذهنه و ظهورها فيه. و بالجملة: شرط انقداح الإرادة، علمه بوجود المصلحة، سواء أوافق الواقع أم لا، وسواء تحقّق مجيئه في الغد أم لا. كلّذلك لأنّ شرط انقداحها هو تصوّره و علمه وقطعه، وهو ـ مطلقاً ـ مقارن لظهورها. فالعلم بوجود المصلحة في إكرام زيد، إذا تحقّق قبل يوم من ظرف التكليف به كان علّة لانقداحها، و هو مقارن، لا متقدّم ولا متأخّر. كما أنّ العلم بقدرة المكلّف على المأمور به، في ظرفه المتأخّر، سبب لانقداح إرادته. وبالجملة، لو قيس الشرط على الوجوب الاعتباري، فالتقدّم والتأخّر غير مضرّين، وإ ن قيس على الإرادة، فالشرط مقارن مطلقاً. فإن قلت: إنّإرجاع الشرط إلى علم المولى بالمصلحة أو بوجود شرائط التكليف في ظرفه، خلاف ظاهر الأدلّة، فانّ ظاهرها أنّالشرط هو نفس المجيء. قلت: إنّهاهنا أُموراً يجب التمييز بينها. 1ـ الوجوب الاعتباري العقلائي المنتزع عن نفس التكليف.ولا شكّ أنّ شرطه هو نفس المجيء أو نفس القدرة الموجودة في ظرفه. ولكن التقدّم و التأخّر في الشرط لا يضرّان في الأُمور الاعتبارية إذ لا تأثير فيها ولا تأثّر، و إنّما واقعها هو اعتبار الوجوب و فرضه تحت شرائط خاصة، متقدّمة أو مقارنة أو متأخّرة.