عند العقلاء اعتبارين متناقضين. وبالجملة، للمعتبر أن يأخذ في موضوع حكمه ماشاء من الأجزاء والشرائط، و لكن بعد أن عيّن الموضوع و حدّده بأجزاء وشرائط، ليس له أن يتخطى ما اعتبره، لاستلزامه لغوية الاعتبار السابق. وعلى ذلك، ففي الكشف الحقيقي بهذا المعنى، و هو حصول الملكية للمشتري عند تحقّق العقد الفضولي، مع عدم تحقّق الرضا، تناقض في الاعتبار.(1) و أمّا على ما ذكرناه من إنشاء الملكية من زمن العقد إلى زمن الإجازة، عند تحقّق الإجازة، فلا غبار عليه، فإنّ الإنشاء خفيف المؤنة، فلا مانع من مثل هذا الإنشاء مع خلوّه من التناقض في الاعتبار. وهذا هو الذي اختاره صاحب جامع المقاصد، وأوضحه سيّدنا العلاّمة الحجّة الكوه كمري ـ أنار الله برهانه ـ في درسه الشريف. و يؤيد ذلك ما في رواية محمّد بن قيس من قوله ـ عليه السَّلام ـ : «خذ ابنه الذي باعك الوليدة حتى ينفِّذ لك البيع»(2)أي ينفذ البيع الذي صدر من ابنه، و بإسناده إلى نفسه من لدن وجوده إلى زمن إجازته. ثمّ إنّ المحقّق الخراساني أجاب عن مشكلة تأخّر السبب و تقدّم المسبّب
(1) ولأجل ذلك التجأ بعضهم إلى جعل الشرط هووصف التعقّب بالإجازة، قائلاً بأنّ الوصف كان موجوداً، و إن كنّا لا نعلمه. لكن جعل الشرط نفس التعقّب، مخالف لظواهر الأدلّة.(2) الحديث رواه المشايخ الثلاثة عطّر الله أسرارهم، بطرق بعضها صحيح، عن محمّد بن قيس، و إليك صورة الحديث كما جاء في التهذيب: عن أبي جعفر عليه السَّلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السَّلام في وليدة باعها ابن سيّدها و أبوه غائب، فاستولدها الذي اشتراها منه، فولدت منه غلاماً، ثمّ جاء سيّدها الأوّل، فخاصم سيّدها الأخير، فقال: «هذه وليدتي باعها إبني بغير إذني» فقال: «الحكم أن يأخذ وليدته و ابنها» . فناشده الذي اشتراها ، فقال له: «خذا ابنه الذي باعك الوليدة حتى ينفذ لك البيع». فلمّا أخذه قال له أبوه:«أرسل ابني» فقال: «لا والله، لا أرسل إليك ابنك حتّى ترسل ابني» فلما رأى ذلك سيّد الوليدة أجاز بيع ابنه. التهذيب،ج 7، كتاب التجارات، الباب 6 ، باب بيع الحيوان، الحديث 33، ص 74ـ 75 و لاحظ الفقيه:3/140. و الوسائل: الجزء 14، الباب 88 من أبواب نكاح العبيد والإماء، الحديث 1.