أنّ المراد من إرجاع القيد إلى الهيئة ليس تقييد الإنشاء، بل تقييد المنشأ، و المنشأ هوالطلب على تقدير. و أمّا الإنشاء فلا تقييد فيه أصلاً.(1) توضيحه: إنّالإنشاء عبارة عن استعمال الهيئة في معناها الإيجادي، وهو حاصل بالفرض، و ليس الاستعمال معلّقاً على شيء، و إنّما المعلّق هو الموجَد والمنشأ بنفس ذلك الاستعمال، الذي هو الطلب والبعث على تقدير، فلو كان هناك تعليق فإنّما هو في المعنى لا في الإنشاء. الوجه الخامس: إذا كان رجوع القيد إلى الهيئة مستلزماً لرجوع القيد إلى المنشأ، يلزم تفكيك الإنشاء عن المنشأ، حيث إنّالإنشاء قد تمّ، مع أنّالمنشأ ـ أعني الطلب ـ غير موجود، للاتفاق على عدم حصول الطلب قبل تحقّق الشرط. و هذا نظير القول بتحقّق الإيجاد من دون أن يتحقّق الوجود، و هو محال. وأجاب عنه المحقّق الخراساني بأنّالمُنشأ إذا كان هوالطلب على تقدير حصوله، فلابدّ أن يكون(2) قبل حصوله طلب و بعث، وإلاّلتخلّف عن إنشائه. و إنشاء أمر على تقدير، كالإخبار به، بمكان من الإمكان. وأورد عليه صاحب المحاضرات بأنّه مصادرة ظاهرة، و ذلك لأنّ الكلام إنّما هو في إمكان هذا النحو من الإنشاء، وأنّه كيف يمكن مع استلزامه تخلف الوجود عن الإيجاد. وبكلمة أُخرى: إنّ محلّ الكلام هنا إنّما هو في إمكان الإيجاد حاليّاً و الوجود استقبالياً وعدم إمكانه ، فكيف يمكن أن يستدلّ على إمكانه بنفس ذلك.(3) ويظهر ضعف الإيراد بتوضيح كلام المحقّق الخراساني، فإنّحاصله هو أنّ
(1) نهاية الأُصول:1/161ـ162.(2) و في بعض النسخ:«أن لا يكون» بزيادة «لا» و هو تصحيف و ذيل العبارة يدل عليها، حيث قال: «وإنشاء أمر على تقدير...» راجع كفاية الأُصول:1/154. (3) لاحظ المحاضرات: 2/322و323.