و بما تقدّم يظهر الخلل فيما أفاده المحقّق الخراساني حيث قال: إنّوجوب المقدّمة يكشف بطريق الإنّ عن سبق وجوب الواجب، و إنّما المتأخّر هو زمان الإتيان به، ولا محذور فيه أصلاً. ولو فرض العلم بعدم سبقه، لاستحال اتصاف مقدّمته بالوجوب الغيري. فلو نهض دليل على وجوبها، فلا محالة يكون وجوبها نفسياً، ولو تهيئياً، ليتهيأ بإتيانها، و ليستعدّ لإيجاب ذيها.(1)
فيلاحظ عليه: أنّ وجوب المقدّمة إنّما يكشف بطريق الإنّ عن سبق وجوب ذيها، لو كان وجوبها ناشئاً عن وجوبه، و إرادتها ناشئة من إرادته. و لكنّك عرفت خلافه، و إنّما وجوب ذيها و إرادته بمنزلة العلّة الغائية التي لا يعتبر إلاّتقدّمها ذهناً لا خارجاً. و يكفي في المقام العلم بأنّه سوف يأمر به المولى.
هذا كلّه حسب الثبوت، وأمّا الإثبات فيمكن أن يقال في باب الصوم أنّه من باب الواجب المعلّق، استظهاراً من قوله سبحانه:(وَ مَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)(2)، فإنّ المراد من شهود الشهر هو رؤية الهلال، أو كون الصائم حاضراً لا مسافراً. و الآية ظاهرة في وجوب الصوم بمجرّد الشهود (فليصمه) ، و إن كان الواجب متأخّراً حسب تدرّج الأيّام.
وأمّا الصلاة، فالظاهر من صحيحة زرارة عن أبي جعفر ـ عليه السَّلام ـ :«إذا دخل الوقت، وجب الطهور والصلاة،ولا صلاة إلاّبطهور».(3)، كون وجوب الصلاة مشروطاً بدخول الوقت، بحيث لا وجوب قبل الزوال وعلى ذلك يجب أن يوجّه وجوب التعلّم، أو الاحتفاظ بالماء، بأحد الوجوه الماضية كما لا يخفى.
وأمّا الحجّ، فالظاهر من قوله سبحانه: (وَللّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِمَنِ(1) كفاية الأُصول:1/166، قوله:«فانقدح بذلك...».(2) البقرة:185. (3) الوسائل: ج1، الباب 4 من أبواب الوضوء، الحديث 1.