تحصد نتائجها في الآخرة. وعلى ذلك، فالرابطة بين العمل وما يترتّب عليه من الثواب أو العقاب، رابطة تكوينية توليدية، فالعمل علّة، و ما يترتّب عليه معلول له، أو هوأصل، و ما يترتّب عليه فروعه.
ويدلّ عليه قوله سبحانه: (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةَ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَيُرِيدُ حَرْثَالدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيب) (الشورى/20; فالظاهر من الآية أنّ ما يصيب الإنسان من الثواب والعقاب هو نتائج البذور التي غرسها في الدنيا في صحيفة حياته.
ويؤيّد قوله ـ عليه السَّلام ـ : «العمل الصالح حرث الآخرة».(1)
القول الثاني: الثواب والعقاب هما نفس العمل و لكن بلباسه الأُخروى، فإنّ لعمل الإنسان صورتين و وجودين، وجود دنيوي و وجود أُخروي، يتجسّم في كلّموطن بالوجود المناسب له.
فالكنز في الدنيا يتجسّم بالدراهم البيض والدنانير الصفر، و لكنّه في الآخرة يتجلّي بصورة النار المحماة. قال سبحانه : (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِجَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُم تَكْنِزُونَ) ( التوبة/35) فإنّالمتبادر من قوله تعالى: (هذا ما كَنَزْتُمْ) هو كون النار الأُخروية هي نفس العمل الدنيوي، لكن بصورته الأُخروية.
و نظيره قوله سبحانه: (وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً ولا يَظْلِمُ رَبُّكَأَحَداً)(الكهف/49) فما يحضر في الآخرة هو نفس ما عمله في الدنيا.
وقوله سبحانه: (يَوْمَ تَجِدُكُلُّ نَفْس ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْر مُحْضَراً) (آل عمران/30).
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنّالجزاء هو التمثّل الملكوتي، وأنّ
(1) نهج البلاغة: الخطبة 22، طبعةعبده.