فرقَ بين إطاعة أمر دون أمر، وكون الواجب الغيري غير محبوب بالذات، والنفسي محبوباً كذلك، لا يكون فارقاً في مسألة الثواب، لأنّالذي يستقلّ به العقل هو أنّحركة العبد إذا كان لامتثال أمره، غير منبعث عن الهوى النفسانية، يكون ممدوحاً عند العقل، و مثاباً لديه، وكون المتعلّق غير محبوب بالذات، لا يؤثر في صدق الإطاعة و كونِ الحركة للمولى المستتبعِ للثواب. فإن قلت: إنّالثواب، فرع كون العمل مقرِّباً من المولى، و هو فرع كون المتعلّق محبوباً وحسناً بالذات والمفروض في الواجبات الغيرية خلافه فلا يكون الإتيان به مقرّباً، فلا يلازم الثواب. قلت: إنّ التقرّب من المولى كما يترتّب على الإتيان بما هو حسن و محبوب بالذات، كذلك يترتّب على كون حركة العبد حركة إلهيـّة، و عملاً يتطلّب به امتثال أمره و إن لم يكن المتعلّق محبوباً بالذات، مقرّباً كذلك، و ما هو الميزان عند العقل انصباغ العمل بصبغةإلهيـّة من غير فرق بين كون المتعلّق محبوباً بالذات أو لا، مقرِّباً من المولى أو لا، فإنّ نفس الحركة إذا انصبغت بصبغة إلهيـّة يكون مؤثراً في الاستحقاق. استدل السيّد الأُستاذ ـ دام ظلّه ـ بأنّ الاستحقاق إنّما هو على الطاعة ولا يعقل ذلك في الأوامر الغيرية لأنّها بمعزل عن الباعثية لأنّ المكلّف إمّا أن يكون قاصداً لامتثال الأمر النفسي أو لا، فعلى الأوّل فالأمر النفسي داع و باعث إلى الإتيان بالمقدّمة من دون حاجة إلى باعثية الأمر الغيري. وعلى الثاني فلا يكون الأمر الغيري باعثاً لأنّ المفروض أنّه راغب عن ذي المقدمة، فكيف يكون الأمر الغيري باعثاً. والحاصل أنّ ملاك الاستحقاق هو الطاعة، وهي فرع كون أمره داعياً وباعثاً، و المفروض أنّه ليس بباعث في حالة من الحالات.(1) يلاحظ عليه: أنّه إذا كان الملاك إطاعة البعث الإنشائي فلا فرق بين