وأنّه ليس للأمر المعدوم امتثال حتى يقال إنّ المقدّمة واقعة في طريقه .(1) يلاحظ عليه: أنّه يكفي العلم بطروئه بعد دخول الوقت في الدعوة، كمن يتهيّأ لاستقبال ضيفه الذي يعلم قدومه غداً، فيأتي بالمقدّمات لأجل تعظيمه. وبعبارة أُخرى: ليس الداعي، وجود الأمر ثبوتاً، بل الداعي هو العلم به بالفعل سواء كان المعلوم أيضاً بالفعل أو لا، و الظاهر الصحّة لما عرفت من كفاية كون الحركة إلهيـّة لأنّ الإتيان بها لأجل التوصل إلى الواجب لا ينفكّ عن الإتيان بها لأجله سبحانه نهاية و قد عرفت كفاية الإتيان بهذه النيّة ، مع إحراز القابلية في المأتي به. الفرع الرابع: لو أتى المكلّف بالطهارات الثلاث، بعد الوقت، بداعي أمرها النفسي. و هذا هو الذي وقع محلّالبحث بين الأعلام ، وعنونه السيّد الطباطبائيقدَّس سرَّه في عروة الوثقى بقوله: «إذا اجتمعت الغايات الواجبة و المستحبّة أيضاً، يجوز قصد الكلّ، و يُثاب عليها، وقصد البعض دون البعض، ولو كان ما قصده هوالغاية المندوبة، ويصحّ معه إتيان جميع الغايات، ولا يضرّ في ذلك كون الوضوء عملاً واحداً لا يتّصف بالوجوب و الاستحباب معاً. و مع وجود الغايات الواجبة، لا يكون إلاّواجباً، لأنّه على فرض صحّته ، لا يُنافي جوازَ قصد الأمر الندبي، و إن كان متّصفاً بالوجوب. فالوجوب الوصفي لا ينافي الندب الغائيّ لكن التحقيق صحّة اتّصافه فعلاً بالوجوب والاستحباب من جهتين».(2) وحاصله، أنّه لا مانع من جواز اجتماع الأمرين في شيء واحد، من جهتين: فالوجوب الغيري تعلّق به بعنوان المقدّمية، والاستحباب النفسي تعلّق بذات الفعل.
(1) نهاية الأُصول: 176.(2) العروة الوثقى، فصل الوضوءات المستحبة، المسألة 6.