الجواز (على القول بعدم وجوب المقدّمة) أو الوجوب (على القول بوجوب المقدّمة)، هو توقف امتثال الأهم ـ أعني إنقاذ الغريق ـ على تلك المقدّمة المحرّمة، فلا يتمكّن شرعاً من إنقاذه إلاّ إذا ارتفعت حرمة المقدّمة، لأنّ الممنوع شرعاً كالممنوع عقلاً، فما هو الموجب لارتفاع الحرمة إنّما هو رفع الإحالة، و تمكين المكلّف من امتثال الأهم، و عند ذاك لا يفرق بين كونه قاصداً للتوصل أو غير قاصد، إذ الملاك لارتفاع الحرمة إنّما هو رفع الإحالة، و هو محفوظ و موجود في كلتا الصورتين. 4ـ ما هو المشهور في تفسير كلامه من أنّقصد التوصل معروض للوجوب، وأنّ الواجب هو خصوص ما أتى به بقصد التوصل. وأورد عليه المحقّق الخراساني بأنّ ملاك الوجوب هو التوقف و أنّه به ترتفع الاستحالة، و على ذلك فلا فرق بين أن يقصد التوصل أو لا يقصده، ولا معنى لأخذ ما لا دخالة له في معروض الوجوب. ثمّ إنّالمحقّق الاصفهاني وجّه مقالَة الشيخ الأعظم هذه، بالبيان التالي وهو مبني على مقدّمتين: أ: إنّ الحيثيات التعليلية في الأحكام العقلية راجعة إلى الحيثيات التقييدية، فإذا كانت مطلوبية المقدّمة لا لذاتها، بل لحيثية مقدّمتيها والتوصل بها، فالمطلوب الجدّي، والموضوع الحقيقي للحكم العقلي، هو نفس التوصل. ب: إنّ الشيء لا يقع على صفة الوجوب ومصداقاً للواجب بما هو واجب، إلاّ إذا أُتي به عن قصد و عمد حتى في التوصليات، لأنّ البعث ـ توصليّاً كان أم تعبّدياً ـ لا يتعلّق إلاّ بالفعل الاختياري. فالغسل الصادر بلا اختيار، و إن كان مطابقاً لذات الواجب و محصِّلاً لغرضه، و لكنّه لا يقع على صفة الوجوب و مصداقاً للواجب بما هو واجب. ثمّاستنتج من هاتين المقدّمتين «اعتبارَ قصد التوصل في وقوع المقدّمة على