محصول فی علم الأصول نسخه متنی

للموصلة معنى سوى فعلية ترتّب الواجب عليها، ومادام لم يترتّب لا تكون المقدّمة متّصفة بالإيصال هذا من جانب.

ومن جانب آخر أنّ التكليف به فرع القدرة على المقدّمة، والقدرة عليها فرع جوازها، ولا تجوز إلاّ إذا كانت موصلة، أي موصوفة بترتّب الواجب عليها فعلاً. والمفروض عدم كونها موصلة في بدء الأمر، فتكون محرّمة، و يصير ذو المقدمة أمراً محالاً غير قابل لتعلّق التكليف به.

فلا يكون تركه عصياناً و مخالفة، لفرض عدم التمكّن منه.

وأمّا الثاني: فإنّ إيجاب ذي المقدمة يتوقّف على جواز المقدّمة، و هو متوقف على اتّصافهابالإيصال ولا تتصف به إلاّ عند الإتيان بذيها، و معه يكون طلب كلّ من المقدّمة و ذيها من قبيل طلب الحاصل كما لا يخفى.

ولا يخفى عدم صحّة كلا الإيرادين:

أمّا الأوّل: فلما أجاب به المحقّق الاصفهاني بأنّه إنّما يتمّ لو كان الإيصال شرطاً متقدّماً أو مقارناً، فتتوقف فعلية الجواز على وجود الإيصال متقدِّماً أو مقارناً، و بما أنّ الإيصال غير موجود في زمان الإتيان بالمقدمة، تكون المقدّمة محرّمة، و مع فرض حصوله في ظرف الإتيان بالمقدّمة يكون تحصيلاً للحاصل.

وأمّا إذا كان شرطاً متأخراً يكفي في فعلية جواز المقدّمة علمُ الفاعل بالترتّب في المستقبل، فلا يرد الإشكال، لأنّوجوب الترتّب في ظرفه كاف في فعلية الجواز.(1)

و يمكن أن يقال في جواب هذا الإشكال، أنّ الإيصال ليس بمعنى فعلية ترتّب ذيها عليها، حتّى يقال إنّ هذا الشرط غير موجود عند الشروع بالإتيان بها، و إنّما تتحقّق بعد الإتيان بها، بل الإيصال بمعنى كون المقدّمة واقعة في صراط

(1) نهاية الدراية:1/207، بتوضيح منّا.