الإتيان بذيها حسب تشخيص المكلّف و إرادته. و يكفي في تحقّق الشرط بهذا المعنى، كون المقدّمة واقعة في صراط ذيها في نيّة المكلّف. وإن شئت قلت: إنّالإيصال ليس قيداً للجواز، كالاستطاعة بالنسبة إلى وجوب الحجّ، بحيث لو لم يتحقّق وصف الإيصال من أوّل الأمر، لا يجوز له أن يأتي بالمقدّمة، كي يلزم ما ذكره، بل الإيصال قيد للواجب وأنّ المولى يطلب من المكلّف مقدمة موصوفة بالإيصال، و يحرم عليه ما ليست موصوفة به و في وسع المكلّف إيجاد تلك المقدمة واجتناب القسم الآخر، فيأتي بذيها بعد الإتيان بها، وتتّصف بالموصلة و تخرج عن كونها غير موصلة. وعلى ذلك لا يتمّ ما في الشق الأوّل من «أنّ إيجاب المقدّمة متوقف على القدرة عليها، ولا تتعلّق القدرة بها إلاّ إذا كانت جائزة، ولا تكون جائزة، إلاّ إذا كانت متّصفة بالإيصال، والمفروض أنّها في بدء الأمر غير متّصفة بالإيصال، فلا تكون جائزة، ومع عدم جوازها تكون الغاية أمراً محالاً»، لما عرفت من أنّ الإيصال ـ بالمعنى الذي ذكرناه ـ أمر اختياري للمكلّف، فله إيجاد هذا الوصف حتى يكون المأتي به مصداقاً للواجب دون الحرام. و هذا كالتصرّف في مال الصغير فانّه على قسمين: فإن كان مشتملاً على مصلحة المولّـى عليه، يكون جائزاً، و إن كان على خلافها فهو حرام. و لكن الاتّصاف بها لا يتحقّق في بدء التصرّف بل بعد مرور فترة من الزمن. و بما أنّ المكلّف قادر على إيجاد هذا الوصف فيه في المستقبل، كان التصرّف جائزاً لا حراماً، فلاحظ. وبذلك يظهر عدم تمامية الشقّ الثاني من «أنّ إيجاب ذي المقدّمة فرع القدرة على مقدّمته، وهي فرع جوازها، وهو فرع الإتيان بذيها، فيلزم لزوم الإتيان بذيها عند إيجابه، وهو تحصيل الحاصل». وجه الضعف، أنّ إيجاب ذي المقدّمة و القدرة عليه، و إن كان متفرّعاً على