حدائق الناضرة فی أحکام العترة الطاهرة جلد 13
لطفا منتظر باشید ...
فنقول: ينبغي ان يعلم انه لا ريب ان أفعالالعقلاء كلها من عبادات و غيرها لا تصدرإلا بعد تصور الدواعي الباعثة على الإتيانبها و هي المشار إليها في كلامهم بالعللالغائية، مثلا يتصور الإنسان ان الإتيانبهذا الفعل يترتب عليه النفع الفلاني فإذاتصورت النفس هذا الغرض انبعث منها شوق الىجذبه و تحصيله، فقد يتزايد هذا الشوق ويتأكد و يسمى بالإرادة، فإذا انضم إلىالقدرة التي هي هيئة للقوة الفاعلة انبعثتتلك القوة لتحريك الأعضاء إلى إيقاع ذلكالفعل و إيراده و تحركت الى إصداره وإيجاده لأجل غرضها الذي تصورته أولا،فانبعاث النفس و توجهها و قصدها الى ما فيهغرضها هو النية، نعم قد يحصل بسبب تكررالفعل و الاعتياد عليه نوع ذهول عن تلكالعلة الغائية الحاملة على الفعل إلا انالنفس بأدنى توجه و التفات تستحضر ذلك كماهو المشاهد في جملة أفعالنا المتكررة منا. و حينئذ فليست النية بالنسبة إلى الصلاة والطهارة و الصيام و نحو ذلك من العباداتإلا كغيرها من سائر أفعال المكلف من قيامهو قعوده و أكله و شربه و نكاحه و نومه ومغداه و مجيئه و نحو ذلك، و لا ريب ان كلغافل غير ذاهل لا يصدر عنه فعل من هذهالأفعال و نحوها إلا بنية و قصد، مع انه لايتوقف شيء من ذلك على هذه النية التيذكروها و الاختلافات التي سطروها. و لا فرق بين ما ذكرنا من هذه الأفعال وبين العبادات إلا قصد القربة لله سبحانهفي العبادات، و هذا لا يوجب ما ذكروه فيأمثال هذا المقام. و حينئذ فإذا كان المكلف عالما بوجوبالصوم عليه و انه عبارة عن الإمساك عن تلكالأمور المذكورة لله سبحانه كما هو الآنضروري لعامة الناس فإنه برؤية هلال الشهرالمذكور يوطن نفسه على ذلك و يكف عن هذهالأشياء في كل يوم من طلوع الفجر الى غروبالشمس و متى فعل ذلك فان صومه صحيح شرعي، وهذا هو الذي جرى عليه السلف زمن النبي صلّىالله عليه وآله و الأئمة (عليهم السلام) وما بعدهم، فإنه متى دخل عليهم الشهراجتنبوا ما حرم الله عليهم في نهاره و كفواعنه قاصدين