محمود بن الربيع أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه و هو أعمى ( قال الشافعي ) و سمعت عددا من أهل العلم يذكرون أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يستخلف ابن أم مكتوم و هو أعمى فيصلي بالناس في عدد غزوات له ( قال الشافعي ) و أحب أمامة الاعمى و الاعمى إذا سدد إلى القبلة إلى كان أحرى أن لا يلهو بشيء تراه عيناه و من أم صحيحا كان أو أعمى فأقام الصلوات أجزأت صلاته و لا أختار إمامة الاعمى على الصحيح لان أكثر من جعله رسول الله صلى الله عليه و سلم إماما بصيرا ، و لا إمامة الصحيح على الاعمى ، لان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يجد عددا من الاصحاء يأمرهم بالامامة أكثر من عدد من أمر بها من العمي .إمامة العبد ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة أنهم كانوا يأتون عائشة أم المؤمنين بأعلى الوادي هو و عبيد بن عمير و المسور بن مخرمة و ناس كثير فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة و أبو عمرو غلامها حينئذ لم يعتق قال و كان أمام بني محمد بن أبي بكر و عروة ( قال الشافعي ) و الاختيار أن يقدم أهل الفضل في الامامة على ما وصفت و أن يقدم الاحرار على المماليك و ليس بضيق أن يتقدم المملوك الاحرار إماما في مسجد جماعة و لا في طريق و لا في منزل و لا في جمعة و لا عيد و لا غيره من الصلوات ، فإن قال قائل كيف يؤم في الجمعة و ليست عليه ؟ قيل ليست عليه على معنى ما ذهبت إليه إنما ليست عليه بضيق عليه أن يتخلف عنها كما ليس = قومه و هو أعمى و أنه قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم يا رسول الله إنها تكون الظلمة و السيل و أنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى فجاءه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال " أين تحب أن أصلي ؟ " فأشار إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ذكره البخارى في ترجمة الرخصة في المطر و العلة أن يصلى في رحله و هذه الروايات التي رواها مالك و الشافعي عنه و البخارى عن إسمعيل عن مالك ظاهرها أنه كان يؤم قومه و هو أعمى في زمن النبي صلى الله عليه و سلم قبل القول الذي قاله للنبي صلى الله عليه و سلم و يؤيده قوله " و أنا رجل ضرير البصر " و لكن صح في رواية ما يقتضى أنه لم يكن أعمى حينئذ ، قال الزهرى حدثنى محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك قال أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت يا رسول الله إنى قد أنكرت بصري و أنا أصلي لقومى و إذا كانت الامطار سأل الوادي الذي بيني و بينهم و لم أستطع أن آتى مسجدهم فأصلى لهم ، و ساق الحديث .قال محمود فحدثت بهذا الحديث نفرا فيهم أبو أيوب فقال ما أظن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ما قلت فحلفت إن رجعت إلى عتبان أن أسأله قال فرجعت إليه فوجدته شيخا كبيرا قد عمي ذهب بصره و هو إمام قومه فجلست إلى جنبه فسألته عن هذا الحديث فحدثنيه كما حدثته أول مرة و هذه الرواية بهذه السياقة أخرجها مسلم في صحيحه و هي دالة على أن العمي إنما حدث له بعد هذه القصة المروية و اعلم أنه وقع في الموطأ من رواية يحيى بن يحيى التي رويناها لسند هذا الحديث من طريق مالك عن ابن شهاب عن محمود بن لبيد و هو و هم عند الحفاظ ، إنما هو محمود بن الربيع .