مقام الامام مرتفعا والمأموم مرتفع
الله صلى الله عليه و سلم صلى بهم في مرضه الذي مات فيه جالسا وصلوا خلفه قياما فهذا مع أنه سنة ناسخة معقولا ألا ترى أن الامام إذا لم يطق القيام صلى جالسا و كان ذلك فرضه و صلاة المأمومين غيره قياما إذا أطاقوه و على كل واحد منهم فرضه فكان الامام يصلى فرضه قائما إذا أطاق و جالسا إذا لم يطق و كذلك يصلى مضطجعا و موميا إن لم يطق الركوع و السجود و يصلى المأمومون كما يطيقون فيصلى كل فرضه فتجزى كل صلاته و لو صلى إمام مكتوبة بقوم جالسا و هو يطيق القيام و من خلفه قياما كان الامام مسيئا و لا تجزئه صلاته و أجزأت من خلفه لانهم لم يكلفوا أن يعلموا أنه يطيق القيام و كذلك لو كان يرى صحة بادية و جلدا ظاهرا لان الرجل قد يجد ما يخفى على الناس و لو علم بعضهم أنه يصلى جالسا من علة فصلى وراءه قائما أعاد لانه صلى خلف من يعلم أن صلاته لا تجزي عنه و لو صلى أحد يطيق القيام خلف إمام قاعد فقعد معه لم تجز صلاته و كانت عليه الاعادة و لو صلى الامام بعد الصلاة قاعدا ثم أطاق القيام كان عليه حين أطاق القيام أن يقوم في موضع القيام و لا يجزئه ذلك و إن لم يفعل فعليه أن يعيد تلك الصلاة و صلاة من خلفه تأمة و لو افتتح الامام الصلاة قائما ثم مرض حتى لا يطيق القيام كان له أن يجلس ليتم ما بقي من صلاته جالسا و المرأة تؤم النساء و الرجل يؤم الرجال و النساء في هذا سواء .
و إن أمت أمة نساء فصلت مكشوفة الرأس أجزأتها و إياهن صلاتهن فإن عتقت فعليها أن تقنع فيما بقي من صلاتها و لو لم يفعل و هي عالمة أن قد عتقت و غير عالمة أعادت صلاتها تلك و كل صلاة صلتها مكشوفة الرأس .
مقام الامام ارتفعا و المأموم مرتفع و مقام الامام بينه و بين الناس مقصورة و غيرها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن إبى حازم قال سألوا سهل بن سعد عن منبر رسول الله صلى الله عليه و سلم من أى شيء هو و ذكر الحديث أخبرنا ابن عيينة قال أخبرنا الاعمش عن إبراهيم عن همام قال : صلى بنا حذيفة على دكان مرتفع فسجد عليه فجبذه أبو مسعود فتابعه حذيفة فلما قضى الصلاة قال أبو مسعود إ ليس قد نهى عن هذا ؟ قال حذيفة ألم ترني قد تابعتك ؟
( قال الشافعي ) و اختار للامام الذي يعلم من خلفه أن يصلى على الشيء المرتفع ليراه من وراءه فيقتدون بركوعه و سجوده فإذا كان ما يصلي عليه منه متضايقا عنه إذا سجد أو متعاديا عليه كتضايق المنبر و تعاديه بارتفاع بعض درجه على بعض ( 1 )
أن يرجع القهقرى حتى يصير إلى الاستواء ثم يسجد ثم يعود إلى مقامه و إن كان متضايقا أو متعاديا أو كان يمكنه أن يرجع القهقرى أو يتقدم فليتقدم أحب إلى لان التقدم من شأن المصلين فإن استأخر فلا بأس و إن كان موضعه الذي يصلى عليه لا يتضايق إذا سجد و لا يتعادى سجد عليه و لا أحب أن يتقدم و لا يتأخر لان النبي صلى الله عليه و سلم إنما رجع للسجود و الله تعالى أعلم لتضايق المنبر و تعاديه و إن رجع القهقرى أو تقدم أو مشى مشيا منحرف إلى القبلة متباينا أو مشى يسيرا من حاجة إلى ذلك كرهته له و لا تفسد صلاته و لا توجب عليه سجود سهو إذا لم يكن ذلك كثيرا متباعدا فإن كان كثيرا متباعدا فسدت صلاته و إن كان الامام قد علم الناس مرة
1 - قوله : أن يرجع الخ لعل " أن " زائدة من الناسخ أو يقدر العامل بنحو " أحب " أو " أختار " كتبه مصححه .