[ و لو أسلفه طعاما بالعراق لم يجب الدفع في غيره ، فان طالبه بالقيمة لم يجز على رأي ، لانه بيع الطعام قبل قبضه ، ] قوله : ( و لو اسلفه طعاما بالعراق لم يجب الدفع في غيره ) . لاختلاف البلدان في قيمة الطعام ، فربما كان في بلد المطالبة أعلى ، و لان السلف إن اشترط فيه تعيين مكان التسليم فظاهر ، و إلا فان الاطلاق منزل على التسليم في بلد العقد . و يشكل ، بأنه ربما لم يكن مريدا إلى بلد السلف ، أو أن المسلم إليه لا يوثق بعوده اليه و الظفر به هناك ، بل ربما يكون قد هرب من المسلف ، فلم يظفر به إلا بعد مدة ، فيكون منعه من مطالبته مفضيا إلى ذهاب حقه أبدا ، و طريقا إلى مدافعة الغريم عن اداء الحق دائما ، و ذلك ضرر بين مع كون الدين حالا ، و الاستحقاق له ثابت . و التحقيق : أن يقال : له المطالبة به إن كان في موضع المطالبة مثل بلد السلف أو أدون ، و إن كان أكثر فله المطالبة لقيمة بلد السلم ، لتعذر المثل . و لو أتاه برهن أو ضمين و تهيأ للمسير معه مع أول رفقة فالظاهر عدم وجوب الصبر ، لما فيه من الضرر ، و تأخير الدين الحال المستحق . قوله : ( فان طالبه بالقيمة لم يجز على رأي ، لانه بيع الطعام قبل قبضه ) . قد سبق أن بيع الطعام قبل قبضه مكروه ، فلا يكون ممنوعا منه ، مع أن دفع القيمة و إن كان معاوضة على الطعام فلا دليل على تحتم كونها بيعا . و يمكن المنع بوجه آخر ، و هو أن القيمة لم يجر عليها عقد السلف ، و لم يدل دليل على استحقاها ، إنما المستحق هو الطعام ، فان ثبتت المطالبة به فذاك ، و إلا فلا مطالبة بالقيمة . و يمكن الجواب : أن الطعام قد حل ، و التقصير من المسلم اليه ، حيث لم يحضره في مكان التسليم عند الحلول ، و لا مانع من التسليم الآن ، إلا أن كونه ليس