موسوعة من حیاة المستبصرین جلد 3
لطفا منتظر باشید ...
لائقاً ينطبق على المنتفعين من التجهيل، فذلك المتمشيخ الذي أراد إبهام أهل القرية ـ لجمع دراهمهم ـ من أن الشيء السيّار اللامع في السماء هو طاووس ملك، والذي ما مرّ من سماء القرية إلاّ للاحتفاء به (!) ولولا أن تدارك الموقف في الليلة الثانية زائر راح يبين لهم أن الضوء السيّار اللامع (ومن بعد شرح) لم يكن إلاّ قمراً صناعياً، اقتضى مروره من فوق سماء القرية.
والشيء الطافي في القصه اسم طاووس ملك، حتى ليبدو أنه شيءٌ ذو هيبة، فالطاووس هو المميّز بين الطيور بألوانه وتكبره وتغنجه، أما ملك فيعنون به الملائكة، وحين تُقلب الأسماء الممقوتة إلى أسماء دعائية رقية فللتخفيف من وطأتها على السامعين، وبذلك وجد الرجيم ـ وبمكيدة الأموية السوداء ـ مكاناً بين هؤلاء القوم المغلوبين على أمرهم.
ثم إن المتمشيخين ـ ومن بعد إحلالهم الظلمات بالمكر ـ من قبل، لم يجدوا ما ينتفعون به بعدئذ من طاووس الضلال، فجسّدته مخيلتهم القديمة الضالّة دمية من معدن، ثم غدوا يدورون به القرى التابعة المسكينة، للتكسّب.
غير أن مواقف تكررت للأهالي الغاضبين من تلك الألاعيب جعلت من المتمشيخين لا يخرجون بطاووسهم من تلك النواحي والقرى إلاّ فراراً، حيث انتظرهم الأهالي، وبدلا من أن تتطاير النقود، جاءتهم الحجارة من كل صوب، وما دخلوا بحزاني بعد تلك الحادثة إلاّ بعد توسّط العجائز، ومثلها هزيمة المتمشيخين في قرية دهوله في سنجار.
وهؤلاء المتمشيخون ليس لهم إلاّ الفتات، إذ يبقى المنتفع الأول يقف وراء الستار، وهو على سرّ آبائه، ونفع الأمير من إبقاء قومنا على الظلمات أن تتضاعف أمواله الشخصية في مصارف الأموال الأجنبية، وتتكدس أرباحه من عائدات مصانعه في الخارج، وكأن كل هذا لم يكفه فتراه يبدأ في مطلع كل موسم بإجراء