يتناول الكاتب في كتابه هذا التاريخ كعلم اسسه وقوانينه ومنهجه، فيبين أهمية التاريخ بالنسبة لحياة الشعوب حيث يقول عن التاريخ بأنّه "يعكس تلك الصيرورة البشرية والتطور الناتج عنها; من ذلك المجتمع البدائي الذي كان الانسان فيه بالكاد يجد قوت يوم حيث كان يصارع قساوة الطبيعة وظروف الحياة إلى زمان صارت فيه امكانية الراحة المادية متاحة، لتظهر لنا بذلك التفوق البشري على معطيات الطبيعة تحت عامل الحاجة، والبحث عن امكانيات أفضل وطريقة عيش أحسن".ثم يبين العلاقة بين التاريخ والمؤرخ وعلاقتهما بالحقيقة، فالتاريخ هو ما يكتبه المؤرخ وفق ما يراه ويفهمه من أحداث الواقع لا هو أحداث الواقع بعينها، يقول الكاتب في هذا المجال: "قد يكون هذا منطق المؤرخ، أي أنه ينسجم وذاته بحيث يعكس واقعه كمؤرخ ناطق باسم الجهة التي ينتسب إليها سواء كانت سياسية، وتتمثّل خصوصاً في النظام الحاكم بحيث صارت اغلب التواريخ السائدة معبرة عن منتجاتها والحامية لها، أو كتيار فكري يظل المؤرخ في اغلب الأوقات محروم الجماهير وأسير النخبة المتبنية له".وقد تجلى هذا بوضوح في التاريخ الاسلامي، حيث لم يلعب المؤرخ دور الباحث عن أحداث التاريخ، بل حاول اضفاء الشرعية على الواقع الموجود، وقد ساعد على ذلك عدم التخصص، بل ممارسة التاريخ بالاضافة إلى الفقه والقضاء كما هو عند الطبري أو ابن كثير مثلا، اضف إلى ذلك التقديس والتقليد الذي افرزه الواقع الاسلامي، والذين وقفا حجر عثرة أمام تحرر الفكر والبحث عن الحقيقة، "إذ