وقفة مع كتابه: "الحقيقة الضائعة"
هل تضيع الحقيقة؟سؤال قد يبدو غريباً لأول وهلة، فكيف يمكن أن تضيّع؟!وإنها إن تكون ساطعة وحاضرة في كل وقت، لكنها قد تضيّع كما تلبد الغيوم الشمس وتحجب نورها، وهي عزيزة لا تصل إليها النفوس غير المستعدة، ولا تستقر في القلوب التي لا تعرف قدرها فتكون عارية قلقة تبحث عن قلب يعيالحكمة لتتضم إلى أمثالها.وأن للحقيقة أعداء لا يريدون لها أن تعرف أبداً، لأنها تمسّ مصالحهم وتأخذ من دنياهم، فتراهم يتبعون الأهواء ويبتدعون في الأحكام فتكون الفتنة، فيضلون فيها ويضلون.وقد تمرّ قرون وقرون حتى تزول الغيوم ويهتدي طلاب الحقيقة إليها بعد جد واجتهاد لا يعرف الملل والكلل، فيجاهدون الهوى ويرفضون البدع لكي يتمسّكوا بالحقيقة، ويثقون بالله ويتوكّلون عليه حتى لا يحطم الآخرين قدراتهم ويتجنبون خداع انفسهم بقبول الحقائق ولو كان على خلاف ميولهم، فتقوى ارادتهم في طلب الحق ومقاومة الضغوط، ثم يرفعون الحجب التي قد تحجز الحقيقة عن الاكتشاف من حب ذات، وحب راحة، وحب آباء، وحب سلف، وهذا هو المنهج الذي اتبعه الشيخ معتصم في اكتشاف الحقيقة والاعتصام بها، ثم أبى إلاّ أن يفوه بها وينشرها لتعم الفائدة لكل من أراد أن يستفيد.