لأبي ذر، وقتل بعضهم البعض كما حصل للخليفة الثالث، وحارب بعضهم بعضاً كما في حرب الجمل وصفين وغيرها...وكما قلنا ان تفرّقهم لم يكن من أجل الاختلافات العقائدية المطروحة كما نراها اليوم، بل هناك أمر خفي وخطير لم يلتفت إليه إلاّ القليل.ويؤيد ما ذكرنا ان الخلافات العقائدية ما هي إلاّ فروع تفرّعت من أصل الفرقة قوله تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْبَيِّنَـتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )(1)...وقوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَ حِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَـبَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَـتُ بَغْيَا...)(2).فالاختلاف لم يكن عقائدياً، وانما هو اختلاف من نوع آخر، انّه البغي، انه عدم التسليم وعدم التواضع للحكم الإلهي.
سر الافتراق بين المسلمين
يتحدّث المؤلّف عن ذلك السرّ بما ملخّصه:انّه سرٌ يشمل الأمم السابقة على الاسلام أيضاً وكان السبب في افتراقها، وهو السبب الذي جعل قريشاً تحارب الرسول(صلى الله عليه وآله)، وكذلك هو السبب الذي جعل اليهود يحاربون الإسلام ويواجهونه ويلجأون إلى تحريف كتبهم ونبذها ورا ظهورهم.إن هذا السر هو: النزاع على الاستخلاف على هذه الأرض والحكم والتسلط وعلو الكلمة الذي يؤدّي بالتالي إلى نزاع على المنصب الإلهي الذي1- آل عمران: 105.2- البقرة: 213.