موسوعة من حیاة المستبصرین جلد 3
لطفا منتظر باشید ...
ناسبا إياهم إلى الضلال والإبتداع أو الكفر، بل ليسوا سوى تلامذة لفلاسفة اليونان الوثنيين أو أتباع بوذية الهند وأنباط الفرس.ونحن نقول بعد متابعة شاملة لحياة الشيخ ومذهبه وسيرة أصحابه، بأن الحدة والمزاج الصعب والجاف الذى يتكلم عنه الباحثون، يجدون تفسيره في مسألتين مهمتين بالإضافة إلى الكبت الجنسي أو كونه عاش وحيداً دون أهل أو زوجة.المسألة الأولى: تتمثل في البيئة الجغرافية التي فتح الشيخ فيها عينيه وتربى ونشأ، وهي مدينة حران التي وصفها الرحالة ابن جبير بقوله: "ولا تزال تتقد بلفح الهجير ساحاته وأرجاؤه ـ أي بلد حران ـ ولا تجد فيها مقيلا، ولا تتنفس فيها إلاّ نفساً ثقيلاً، قد نبذ بالعراء، ووضع في وسط الصحراء فعدم رونق الحضارة، وتعرت أعطافه من ملابس النضارة"(1). فلا شك أن هذه البيئة الصحراوية الجافة كان لها تأثير على نفسية الصبي، وهذا معلوم بالضرورة فأخلاق وسلوكيات البدو الذين يعيشون في الصحاري والقفار تكون جافة غليظة، بخلاف سكان الحواضر والبوادي الخصبة حيث الأنهار والبساتين والأشجار الكثيفة. وهذا من تأثير الطبيعة والجغرافية على الإنسان، وهي مسلمة علمية وعرفية.المسألة الثانية: ترجع إلى المذهب الحنبلي فقد ولد الشيخ إبن تيمية في بيت المشيخة الحنبلية واستمر يرتع وينمو في أحضان هذا المذهب إلى أن تولى رئاسته. والصفة المميزة والخاصة لأتباع هذا المذهب كانت وما زالت تتمثل في الجفاء والغلظة، وقد وصفهم إبن عقيل الحنبلي قائلا: "قوم خشن تقلصت أخلاقهم عن المخالطة وغلظت طباعهم عن المداخلة...(2).