المقام الثاني : في تنقيح جريان أصالة الحل المختصة بالشبهات التحريمية الموضوعية
الكلام في البراءة الشرعية ومناط جريانها
المكلف مصحح للعقاب ، هذا في البراءة العقلية . و أما البراءة الشرعية فمناط جريانها إنما هو الشك في أمر كان بيد الشارع رفعه و وضعه ، و كان في رفعه المنة و التوسعة على العباد ، فكلما حصل الشك في مثل هذا تجري البراءة الشرعية . إذا عرفت ذلك فنقول : إنه بعد ما عرفت من انحلالية النهي ، و أن مثل قوله " لا تشرب الخمر " أو " لا تصل فيما لا يؤكل " ينحل إلى نواهي متعددة ، حسب تعدد أفراد الخمر و غير المأكول في الخارج ، و يسنتبع كل فرد خطاب مستقل يخصه لا ربط له بخطاب الفرد الآخر ، يحتاج الوصول و الوجود العملي لمثل هذا النهي إلى أمرين : ( الاول العلم بالكبرى ، و هي حرمة أفراد الخمر و غير المأكول . ( الثانية ) العلم بالصغرى ، و هي كون هذا الشيء خمرا أو مأكول . فإذا وصل هذان الامران جميعا كان البعث المولوي و النهي منجزا ، و يجب الخروجع عن هدته . و لو شك في أحد الامرين أو كليهما كان البعث تام في الباعثية ، و تجرى البراءة العقلية فيه و كذلك البراءة الشرعية ، فإنه بعد ما كان لكل فرد خطاب يخصه فالشك في تحقق الفرد في الخارج شك في تحقق ذلك الخطاب و هو أمر مجهول ، أمر وضعه و رفعه بيد الشارع ، و في رفعه المنة فتجري البراءه الشرعية فيه ، هذا في الشبهات الموضوعية . و أما في الشبهات الحكمية إذا كان من جهة إجمال النص ، فالكلام فيها الكلام في الشبهات الموضوعية إشكالا و جوابا . كما أن الاشكال و الجواب مطرد أيضا في الشبهات التحريمة و الوجوبية ، و قد استقصينا البحث عن ذلك في الاصول ، فراجع . هذا تمام الكلام في بيان كون الشبهة من مجاري أصاالة البراءة . المقام الثاني في توضيح كون الشبهة من مجاري أصالة الحل التي قام الدليل