شرح المحلی جلد 9
لطفا منتظر باشید ...
قال أبو محمد : فان كان تعظيم الحلف عند منبره عليه الصلاة و السلام موجبا لان لا يحلف المطلوبون الا عنده فان تعظيمه عليه الصلاة و السلام الحلف بعد صلاة العصر موجب أيضا أن لا يحلف المطلوبون الا في ذلك الوقت ، و هذا خلاف قولهم ، ثم العجب كله قياسهم سائر الجوامع على مسجده صلى الله عليه و سلم و لا خلاف في انه لا فضل لجامع في سائر البلاد على سائر المساجد و انه لو جعل مسجد آخر جامعا و ترك التجميع في الجامع لما كان في ذلك حرج أصلا و لا كراهة ، فمن أين خرجت هذه القياسات الفاسدة ؟ فان قالوا : فعلنا ذلك ليزدجر المبطل قلنا : فافعلوا ذلك في القليل و الكثير فان الوعيد جاء في ذلك كله في القرآن و السنة سواء حتى في قضيب من أراك الا ان كان القليل عندكم خفيفا فهذا مذهب النظام . و أبى الهذيل العلاف . و بشر بن المعتمر و هم القوم لا يتكثر بهم ، و أيضا فان المحق قد يخشى السمعة و الشهرة في حمله إلى الجامع فيترك حقه فقد حصلتم بنظركم على إبطال الحقوق واف لهذا نظرا قال أبو محمد : فصح أنه لو وجبت اليمين في مكان دون مكان و فى حال دون حال لبينها عليه الصلاة و السلام فاذ لم يبين ذلك فلا يخص باليمين مكان دون مكان و لا حال دون حال ، و أما مقدار ما يرى فيه مالك . و الشافعي التحليف في الجوامع فقد ذكرنا أن الشافعي ذكر أن عبد الرحمن بن عوف أنكر التحليف عند الكعبة الا في دم أو كثير من المال ، و هذا ليس بشيء لوجوه ، أولها انها رواية ساقطة لا يدرى لها أصل و لا منبعث و لا مخرج ، ثم لو صحت فلا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم أن عبد الرحمن مات زمن عثمان رضى الله عنهما فوالى مكة يومئذ كان بلا شك من الصحابة لقرب العهد فليس قول عبد الرحمن أولى من قول غيره من الصحابة ثم لم يحد عبد الرحمن في كثير المال ما حده مالك و الشافعي و ما نعلم أحدا سبق مالكا إلى تحديد ذلك بثلاثة دراهم و لا من سبق الشافعي إلى تحديده بعشرين دينارا ، فان قيل ان في ثلاثة دراهم تقطع اليد فيها قلنا : و من حد ذلك انما حد قوم بربع دينار و اما بثلاثة دراهم فلا ، و يعارض هذا تحديد الشافعي بان عشرين دينارا تجب فيها الزكاة فمن أين وقع لهم تخصيص ذلك دون مائتي درهم التي صح فيها النص ؟ أو يعارضهم آخرون بمقدار الدية و هذا كله تخليط لا معنى له ، و يقال لهم : أ ترون ما دون ما تقطع فيه اليد أيتساهل في ظلم المسلمين فيه حاش لله من هذا ، و قد وجدنا ألف ألف دينار تؤخذ غصبا فلا يجب فيها قطع و الغصب و السرقة سواء في أنهما ظلم و أخذ مال بالباطل و لعل الغاصب أعظم اثما لاهتضامه المسلم علانية بل لا نشك في أن غاصب دينار أعظم اثما من سارق ربع دينار و فى المسلمين من الدرهم عنده عظيم لفقره و فيهم من ألف دينار