شرح المحلی جلد 9
لطفا منتظر باشید ...
لانه في كل ذلك انما حكم بعلمه فقط و هو قولنا . و اما حاكم بشاهد واحد أو بثلاثة في الزنا فهذا لا يجوز . و اما شاهد حاكم معا و لم يأت نص و لا إجماع بتصويب هذا الوجه خاصة ، ثم نظرنا في قول من فرق بين الحدود و غيرها فوجدناه قولا لا يعضده قرآن و لا سنة و ما كان هكذا فهو باطل ، فان ذكروا ( ادرءوا الحدود بالشبهات ) قلنا : هذا باطل ما صح قط عن النبي صلى الله عليه و سلم و لا فرق بين الحدود و غيرها في أن يحكم في كل ذلك بالحق فلم يبق الا قول من قال : لا يحكم الحاكم بعلمه في شيء و قول من قال : يحكم الحاكم بعلمه في كل شيء فوجدنا من منع من أن يحكم الحاكم بعلمه يقول : هذا قول أبى بكر : و عمر . و عبد الرحمن . و ابن عباس . و معاوية ، و لا يعرف لهم مخالف من الصحابة فقلنا : هم مخالفون لكم في هذه القصة لانه انما روى أن ابا بكر قال : انه لا يثيره حتى يكون معه شاهد آخر و هو قول عمر . و عبد الرحمن أن شهادته شهادة رجل من المسلمين : فهذا يوافق من رأى ان يحكم في الزنا بثلاثة هو رابعهم و بواحد مع نفسه في سائر الحقوق ، و أيضا فلا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و أيضا فقد خالفوا أبا بكر . و عمر . و عثمان . و خالد بن الوليد . و أبا موسى الاشعرى . و ابن الزبير في القصاص من اللطمة و من ضربة السوط و مما دون الموضحة و هو عنهم أصح مما رويتم عنهم ههنا ، و احتجوا بقول النبي صلى الله عليه و سلم : ( شاهداك أو يمينه ليس لك الا ذلك ) قال أبو محمد : و هذا قد خالفه الماليكون المحتجون به فجعلوا له الحكم باليمين مع الشاهد و اليمين مع نكول خصمه و ليس هذا مذكورا في الخبر ، و جعل له الحنيفيون الحكم بالنكول و ليس ذلك في الخبر ، و أمروه بالحكم بعلمه في الاموال التي فيها جاء هذا الخبر فقد خالفوه جهارا و أقحموا فيه ما ليس فيه ، فمن أضل ممن يحتج بخبر هو أول مخالف له برأيه و أما نحن فنقول : أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال : بينتك أو يمينه ) و من البينة التي لا بينة أبين منها صحة علم الحاكم بصحة حقه فهو في جملة هذا الخبر ، و احتجوا بالثابت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أن عيسى عليه السلام رأى رجلا يسرق فقال له عيسى : سرقت ؟ قال : كلا و الله الذي لا اله الا هو فقال عيسى عليه السلام : آمنت بالله و كذبت نفسى فقالوا : فعيسى عليه السلام لم يحكم بعلمه قال أبو محمد : ليس يلزمنا شرع عيسى عليه السلام و قد يخرج هذا الخبر على أنه رآه يسرق أى يأخذ الشيء مختفيا بأخذه فلما قرره حلف و قد يكون صادقا لانه أخذ ماله من ظالم له ، و ذكروا قول رسول الله صلى الله عليه و سلم ( لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمتها ) و هذا لا حجة لهم فيه لان علم الحاكم أبين بينة و أعدلها و قد تقصينا هذه المسألة