خطبه 190-در سفارش به ياران خود
قوله عليه السلام: تعاهدوا امر الصلاه الى آخره.التعهد بالشى ء المتحفظ به، و تجديد العهد به.يقال تعهدت ضيعتى و تعاهدتها، و قيل التعهد للضيعه افصح، و التعاهد انما يكن بين اثنين.و المحافظه: المراقبه و التيقظ و قله الغفله، و قال النبى صلى الله عليه و آله: من صلى الصوات الخمس حيث كان، و اين كان، له بكل يوم حافظ عليها كاجر الف شيهد او يكون من الحفاظ اى ينبغى ان يكون له حميه و انفه من تركها.ان الصلوه كانت على المومنين كتابا موقوتا.اى فرضا مكتوبا عليهم موقتا معينا يودونها باوقاتها، و سئل الصادق عليه السلام ما بال الزانى لا نسميه كافرا و تارك الصلاه نسميه كافرا، فقال: لان الزانى و من اشبهه، انما يفعل ذلك لمكان الشهوه، لانها تغلبه، و تارك الصلاه لا يتركها الا استخفافا بها.قال النبى صلى الله عليه و آله: عليكم بالصلوه فانها عمود دينكم و خدمه ربكم، و ان الصلوه او ما يحاسب العبد عليها يوم القيامه، فان قبلت قبل ما سواها، و ان ردت رد ما سواها، و ليس منى من استخف بصلاته لا يرد على الحوض، و قال: لا يزال الشيطان ذعرا فزعا من المومن، ما حافظ على الصلاه الخمس، فاذا ضيعهن تجرا عليه و اوقعه فى العظائم.سئل الصادق عليه السلام: عن افضل ما يتقرب به العباد الى ربهم؟ فقال: ما اعلم شيئا بعد المعروفه افضل من هذه الصلاه، الا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم قال: و اوصانى بالصلاه.الحت: حتك الورق من الغصن.و المنى من الثوب و نحوه كذا فى الصحاح و تحات الشى ء اى تناثر.و الربقه: الحبل، و الحمه: الحفيره التى فيها الحميم و هو الماء الحار.و الدرن: الوسخ، و النصب: التعب، و الصلاه: فى اللغه الدعاء، قال تعالى: وصل عليهم، اى ادع لهم، و منه صلاه الجنايز، و الصلاه الرحمه قال كثير.صلى على عزه الرحمن و ابنتها ليلى و صلى على جاراتها الاخر قال النبى صلى الله عليه و آله لعبدالله بن ابى و فى حين اتاه بصدقه: اللهم صلى على آل ابى اوفى اى بارك، قال ابوعبيد: هو الذى يصلى عليكم و ملائكته اى يبارك قال بعض المفسرين: الصلاه من الله الرحمه، و من الملائكه الاستغفار، و منا الدعا.و قيل الصلاه من قولهم: صليت العود تصليه اذا لينته بالنار، حتى يسهل تقويمه و يزول اعوجاجه قال الشاعر: فما صلى عصاك كمستديم فبالصلاه لين قلب المومن و يزول اعوجاج اخلاقه.و الزكاه: النماء و الزياده، يقال زكا الزرع و طال، و قريه زكيه اذا كثر خيرها، و الزكاه الطهاره قال تعالى
: قد افلح من زكاها اى طهرها.و القربان: ما يتقرب به الى الله تعالى من نسيكه او صدقه، و القربان واحد قرابين الملك اى خلصائها.حجازا: اى مانعا و حجابا، و الحجر المنع.يرجو بها ما هو افضل منها: يعنى يرجو عوضا افضل منها فى دار الدنيا.و المراد بالامانه: هاهنا قال تعالى: انا عرضنا الامانه على السموات و الارض و الجبال، و فى كتاب الغريبين الامانه: الطاعه و العباده، قال قوم: الامانه التى حملها الانسان هى كونه مستصلحا للدارين، و ذلك ان الله تعالى اوجد خلقا لا يصلح الا للدنيا و هو الحيوان الاعجم، و خلقا لا يصلح الا للدار الاخره و هو الملك، و خلقا يصلح للدارين و هو الانسان.فالانسان واسطه بين جوهرين و ضيع و هو الحيوانات العجم، و رفيع و هو الملك، فجمع فيه قوى العالمين، و جعله كالحيوانات فى الشهوه البدنيه و الغذاء و التناسل و المنازعه و غير ذلك من اخلاق الحيوانات (و كالملائكه فى العقل و العلم و عباده الله، و الصدق، و الوفا، و نحو ذلك من الاخلاق) الشريفه.وجه الحكمه فى ذلك انه لما رشحه لعبادته، و خلافته فى الارض كما لم يصلح لذلك البهائم و لو كان كالملك معرى عن الامور الشهوانيه لم يصلح لعماره ارضه كما لم يصلح لذلك الملائكه
لذلك قال للملائكه: (انى اعمل ما لا تعلمون) و لم يجمع الله هاتين القوتين فى السماء و الارض و الجبال فانهن ابين ان يحملنها، و حملها الانسان انه كان ظلوما جهولا، بسبب ما فيه من القوى الشهوانيه التى ذكرناها، قال بعض المفسرين: الحمل هنا الخيانه و الترك- و الله اعلم.ج- معنى اداء الامانه من الاجرام المذكوره انقياده لامر الله تعالى بحسب ما يتاتى منها، و يليق بها اذا هى لم يمتنع على مشيته و ارادته ايجادا و تكوينا على هياه مختلفه و اشكال منتزعه و الانسان مع انه حيوان عاقل صالح للتكليف لم يات بما يليق به من الانقياد لاوامر الله و نواهيه، و وجه ثان فى الايه التى، هذا الكلام اشاره اليها، و هو انه اراد انا عرضنا امانه التكليف على هده الاجرام، اى على اهاليها من الملائكه و غيرهم بان عرفناهم، ان فى تضييعها الاثم العظيم.فابوا ان يحملوا تركها و عقابها، و الماثم فيها و خافوا من ذلك قال الزجاج: كل من خان الامانه، فقد حملها، و من اداها لم يحملها كمن اثم، فقد احتمل الاثم، قال تعالى: و ليحملن اثقالهم و اثقالا مع اثقالهم، و وجه ثالث و هو ان معنى عرضنا الامانه عليها، عارضناها و قابلناها بها، فابين ان يحملنها، اى ضعفت هذه الاجرام عن
حمل تلك الامانه، ليكون الامانه ارجح و اثقل و زنا منها.ثم ان الانسان تقلد هذه الامانه مع عظم موقعها، فلم يحفظها بل حملها و ضيعها لظلمه على نفسه، و جهله بمبلغ الثواب و العقاب، و وجه رابع، و هو انه على وجه التقدير، وجى ء بلفظ الواقع، لان الواقع ابلغ من المقدر اى لو كانت هده الاجرام عاقله، ثم عرضت عليها وظايف الدين عرض تغيير لاستثقلت ذلك مع كبر اجسامها، و شدتها و قوتها، و لا متنعت من حملها خوفا من القصور عن اداء حقها، و حملها الانسان مع ضعف جسمه و لم يخف الوعيد لظلمه و جهله.ثم ان مخاطبه الجماد و الاخبار عنها نظر الى قرينه الحال، طريقه مشهوره للعرب مستحسنه فى تعارفهم قال: امتلا الحوض و قال قطن، و فى المثل لو قيل للشحم اين تذهب لقال استوى العوج خبرا اى علما.