خطبه 230-در سفارش به تقوا
قوله عليه السلام: و تدارككم برحمه اعورتم له فستركم.من اعور الفارس اذا بدا فيه موضع خلل للضرب اى تعرضتم بسخط فعفا عنكم.اشتغلوا بما فارقوا: اى اشتغلوا بالدنيا التى كان من حقهم ان يفارقوها بالموت.و اضاعوا ما اليه انتقلوا: من الاخره التى خلقوا لها و هى منقلبهم و مثواهم: و الظاهر انه اراد اشتغلوا بحصد ما زرعوه بعد الموت من حرث الدنيا و اضاعوا ما اليه انتقلوا من ثواتب الاخره، حيث لم يحرثوا لها.لا عن قبيح يستطيعون انتقالا: لان الاخره ليست بدار تكليف، فلا يمكن فيه الاتيان بما يستحق عليه ثواب او يتخلص به من عقاب.قوله عليه السلام، سابقوا الى منازلكم التى امرتم ان تعمروها.(الموت انتقال من منزل الى منزل من وثق بما له عند الله لم يكرهه، و لا يكره) الموت، و الانتقال من هذا المنزل الادنى الى المنزل الاعلى الا رجلان رجلا لا يومن بالاخره كما قال تعالى: و لتجدنهم احرص الناس على حيوه، و الثانى مومن يخاف ذنبه فمن كان مومنا بالاخره و لا يخاف ذنبه فانه يحب الموت و يتمناه كما قال النبى صلى الله عليه و آله من احب لقاء الله لقاه.قد عد الله تعالى الاماته من قبيل النعم فى قوله: كيف تكفرون بالله و كنتم امواتا فاحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم و فى قوله: ثم اماته فاقبره، فالموت نعمه لان الحياه التى بعد الموت نعمه، و لا سبيل اليها الا بالموت، و ما يتوصل به الى النعمه نعمه، و قيل ان داود الطائى ينادى قبل موته باعلى صوته: اطلق داود من السجن و نجا، قال الله تعالى: و لئن متم او قتلتم لالى الله تحشرون.سئل الامام مسعود الصوانى فى سكرات موته عن حاله، فقال: اليس مصيرى اليه، و قيل النوى المزرروعه لا يصير نخلا مثمرا الا بعد دفنها فى الارض و فسادها، و البر لا يمكن التغذى به الا ان يتطحن و يعجن و يطبخ، فيتغير تغيرا كثيرا كل ذلك فساد فى الظاهر، فكذلك الانسان يموت و يفنى، و الفناء و الموت فسادان، و لكن بذلك الفساد يتوصل الى البقاء الابدى و لا يرضى بالبقاء (فى دار الدنيا) الا من كانت همته دنيه و يكون رضاه باحياه الدنيا رضى الخنافس و الجعلان بالاوراث و النجاسات.