خطبه 234-خطبه قاصعه
الخطبه القاصعه و يقال: القاصعا، قصعت الناقه بجرتها ردتها الى جوفها، و قيل اخرجتها فملات فاها و قيل مضغتها بشده، و قصع الماء عطشه سكنه، سميت الخطبه بذلك لان الخطبه ملابها فمه، و لم يتكلم بتمام ما فى صدره، من قولهم: قصع الجرح بالدم اى امتلا، و لم يسل.قيل القاصعه المسكنه يعنى انها تسكن ما يفور فى صدر المتكلم من دواعى الكلام، او يسكن قلوب المستمعين بمعانيها البالغه، و تزيل اضطرابها و قيل: سميت بذلك لان المواعظ و الزواجر فيها مردده من اولها الى آخرها، من قصعت الناقه بجرتها اى ردتها الى جوفها و اخرجتها فملات فاها (اولانها) هاشمه و كاسره لا بليس من قصع القمله هشمها و قتلها او لانها تصغر كل جبار من قصعت الرجل اذا صغرته و حقرته.قيل ان اميرالمومنين عليه السلام كان يخطب على ناقه و هى تقصع بجرتها فعرفت الخطبه بالقاصعه، لملازمه قصع الناقه انشاها و العرب تسمى الشى ء باسم اللازم له قال الحطيئه.اذا نزل الشتاء بدار قوم تجنب جار بيتهم الشتاء ذكر الشتاء باسم الضيق اللازم له: و الشده و الشتاء ينزل بالفقير و الغنى، و لا يتجنب احدا و المراد تجنب جار بيتهم الضيق و الشده و ضنك المعيشه، الملازم للشتاء، و الاظهرالاليق ان تفوه الخطيب و ايراده الكلام الرصين المتين شبه بقصع البعير و هو اخراجه الجره من فيه يوضح ذلك ما قاله اميرالمومنين عليه السلام: فى موضع آخر فى وصف كلامه، تلك شقشقه هدرت، ثم قرت و وصفت الخطبه بذلك، و ان كان فى الاصل وصفا للخطيب، مبالغه و تاكيدا و جريا على منهاج قولهم جدجده، و نظائر ذلك.قوله عليه السلام: الحمد لله الذى لبس العز و الكبرياء الى آخره.العزه اعلى المراتب، و العزيز الذى لا يجوز عليه المنع عن مراده، و افعاله.و الكبرياء: العظمه و ليس للخلق ادعاء هذين الامرين.ج- العزيز: فى صفاته تعالى، الممتنع: الذى لا يغلبه شى ء و ليس كمثله، قال ابن السكيت يقال: عزه يعزه: اذا غلبه و قهره، و هو تعالى كبير اى جلبل و متكبر عن ظلم عباده.فله الكبرياء: اى الملك و الملكوت، و فى الحدث ان الله عز و جل قال: الكبرياء ردائى و العظمه ازارى، اى هما صفتان له تعالى لا يشركه فيهما احد.وحما الرجل ما يلزمه حمايته و الذب عنه.والحرم الحرام، بمعنى كزمن و زمان، اضاف تعالى روح آدم الى نفسه تكرمه له و تشريفا، و هى اضافه الملك و الظاهر من مذهب الاماميه، ان ابليس كان من الجن و لم يكن من الملائكه و لم يصر ابليس بمجرد ترك السجسود
كافرا بل انما كفر لانه اعتقد انه تعالى امره بالقبيح و لم يامره من طريق الحكمه.و تكبر على الله: ورد عليه امره و استخف بنبى الله، و كل ذلك لا يصدر الا عمن يعتقد الكفر.لخفت البلوى فيه على الملائكه: اشاره الى ما تقدم من ان آدم عليه السلام واسطه بين الملك و سائر الحيوانات العجم، فلو لم يكن مخلوقا من الصلصال لم يكن واسطه، بل كان من انواع الملائكه و اشراف الروحانين، و الكروبيين، او كان من نوع آخر خفت بمعرفه نوعيته البلوى على الملائكه، او بسبب سجوده و تعظيمه و معاونه.قوله عليه السلام: امن سنى الدنيا ام من سنى الاخره.سنه الدنيا شمسيه، و هلاليه، و هما اثنا عشر شهرا او الشهور القمريه و قد ينقص من ثلاثين، و الشهور الشمسيه لا ينقص، و السنه الحقيقيه مده دور الشمس فى دائره فلك البروج، من ايه نقطه فرضتها الى ان توافيها بسيرها الخاص، و قالت القدماء لا تفاوت بين السنين، و ظهر للمتاخرين ذلك التفاوت بسبب حركه اوج الشمس و عدد ايام السنه الحقيقه ثلثمائه و خمسه و ستون يوما، و ربع يوم الا قدر اربع و ثلاثين ثانيه من يوم و الشهر اصلاحى لان الشمس لا يقطع البروج كلها فى الازمان المتساويه، بل تقطعها فى الازمان المختلفه و لا يمكن الوقوف عليها الا لمن هو مويد بحدس كامل فى الحساب.و الثانى ان الكسور الواقعه فى ايام الشهور، لم يمكن القاها فاعرضوا عن ذلك الاعتبار فردوا امر الكسرين الى كسر
واحد، فوضع الناس نوعين من الشهور اصطلاحيين لا طبيعيين على طريقين المخالفين بعد اتفاقهم على ان الشهور لا تزاد على اثنى عشر شهرا و لكن الايام اختلفت فى الطريقين فاحد نوعى الشهور شهور الروم و ابتداء سنتهم لا يوافق ابتداء السنه الحقيقيه، و لكن ايام السنه يوافق ايام السنه الحقيقيه.