حکمت 030
عنى بالايمان ما اراد الله تعالى فى قوله: ما كنت تدرى ما الكتاب و لا الايمان، يعنى معالم الايمان و توابعه و فروعه و حليته، و ما ينبغى ان يكون المومن عليه من الاقوال و الاحوال و الاعمال لما ثبت من الدليل فى مظانه ان الايمان هو التصديق القلبى بجميع ما يجب التصديق به، و قدم عليه فيما عده من معالم الايمان الصبر لانه اشد الاعمال، و لا يستغنى المومن عنه لان المومن اما فى النعمه، و اما فى المحنه.فاذا كان فى النعمه، فلو لم يصبر و لم يملك نفسه حصل له البطر و الطغيان كما قال تعالى: (كلا ان الانسان ليطغى ان راه استغنى) و الصبر فى العافيه و النعمه من علامات الصديقين، و قال تعالى فى حق ثعلبه حين لم يصبر على النعمه و العافيه، فلما اتاهم من فضله بخلوا به و تولوا و هم معرضون، و الصبر على النعمه ان لا يسكن اليها و لا يطمئن بها و يعرف انها عاريه، و اما فى المحنه فلا غنى عن الصبر فى الاحوال التى لا يلائم الانسان من القيام بالطاعات و الاجتناب عن المعاصى و موت الاعزه و نقص الاموال و الامراض.قال تعالى: فاصبر لحكم ربك فانك باعيننا و لم، يرد باليقين ما يتعلق باصل الايمان بل اراد حصول العلم بما هو فرع عليه على ما فسرهبعد و العدل ما عدل اليك و اما الى غيرك فالعدل اليك الاحتزاز من الخسران و الطغيان فى ضعف القوه الشهوانيه، و الغضبيه و تسلطهما فيكن الغضبيه بالشهوانيه و الشهوانيه بالغضبيه و هذا هو الميزان الحقيقى.قال تعالى: و اقيموا الوزن بالقسط و لا تخسروا الميزان، و عنى بالشوق الاشتياق الى ثواب الله كما فسره بعد، و قد يكون الشوق عند قوم محبه لقاء الله تعالى و من احسن واحد فهو محبوبه كما قال النبى صلى الله عليه و آله: جبلت القلوب على حب من احسن اليها، و بغض من اساء اليها، و اذا كان العاقل يحب نفسه و يحب بقاء نفسه، و يحب كمال نفسه فكذلك يحب من اوجد نفسه و ابقاه و اكمله.روى عن النبى صلى الله عليه و آله انه قال فى الدعاء: اسالك الشوق الى لقائك، و الشوق فى الشاهد يكون الى ما هو شاهد، من وجه غائب من وجه كالمعشوق، فانه غائب من جهه شخصه حاضر فى الخيال و الشوق تقاضى الطبع حتى يكون محسوسا مشاهدا فاذا اعتبرنا حال القلب و ما ارتسم فيه من معرفه الله فذلك هو الانس، و اذا اعتبرنا حال القلب، و ما لم يحصل للانسان من تفاضيل معرفه الله تعالى، ذلك و طلب المرء تحصيله فهذا هو الشوق، و هذا تمام المطلوب، و هو الذى قال تعالى فى ذلك: ربنا اتمم لنا
نورنا.اما الزهد فقد مضى ذكره قبل هذا، و الترقب و المراقبه معنى قول الله تعالى: و لتنظر نفس ما قدمت لغد، و فى الخبر حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا، و مراقبه الصديق ان يكون قلبه مستغرقا فى ذكر الله و لا يلتفت الى غير الله كما قال النبى صلى الله عليه و آله: من اصبح و همه هم واحد كفاه الله هم الدنيا و الاخره و مراقبه الصلحاء و اصحاب اليمين معرفتهم بان الله تعالى مطلع عليهم و لم يساعدهم الاستغراق فى سبيل الله.بل لهم التفات الى انفسهم و احوالهم و حقيقه الترقب ان ينظر الى افكاره و خواطره مما كان منها موافقا لرضى الله اقبل عليه بالاتمام و ما كان منها مخالفا لرضا الله استحى من الله و امتنع منه و اما الفطنه فذكاء العقل و تبصرته هو اكتساب العلوم فان العقل و العلم الاولى اذا لم يقترن به العلم المكتسب يسمى اعمى و انما يخرج عن العمى اذا توصل به الى العلوم المكتسبه.قوله عليه السلام: (و تاول الحكمه).هو العلم بمراد الحكماء فيما قالوا و اولى الحكمه بان يعلم قول الله و رسوله قال تعالى: و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمه.(و موعظه العبره).هو الاعتبار و التفكر فيما يرى مما يحدثه الله فى خلفه من الزياده و النقصان، و تصريف الاحو
ال، فيستدل بها على صانع حكيم، و على فناء الدنيا و زوالها، و ان البقاء ورائها.(و سنه الاولين).هو الاحتذاء على سيره الانبياء فى الاستقامه و استدامه التقوى سرا و جهرا، و قولا و عقيده.قوله صدر عن شرائع الحكم: لان العالم بمعانى كلام الله و رسوله، يكون فاصلا بين الناس بالحكومه العادله، و السيره الفاضله من جعل المرء ديدنا لم يصبح ليله اى من صار المماراه و اللجاج عادته، فليس لليله حيرته صباح، و لا بمغلاق جهالته انفتاح، و لا لظالمه ضياء و لا لحواره و كلامه بهجه و رواء و فى المثل اصبح ليل يضرب فيمن يتوقع النجاه من البلاء و لا ينجو قالته امراه امرئالقيس و كانت لا يطيق معه البيتوته و كان امرائالقيس فروكا.اما الفاظه قالد عامه: العماد، و الشعبه: الغصن و كلاهما هاهنا مجاز.و الحكمه: العلم الذى يدفع الانسان عن فعل القبيح مستعار من حكمه اللجام.تبصره: اى نظر و تفكر و صار ذابصيره.و غائص الفهم: اضافه الصفه الى الموصوف للتاكيد، و الفهم الغائص ما يهجم على الشى ء، فيطلع على ما هو عليه، كمن يغوص على الدرر و اللولو.و غور كل شى ء: قعره و الشريعه: المورد، و الزهره، النور، و الرساخه: الثبوت، و الشنان: البغض،
و انما ذكر الكفر و الشك، و قد سئل عن الايمان لانهما ضدان له و بالضد يتبين الاشياء.و التعمق: فى الكلام: التقعر و التباعد فيه.و الشقاق: المعاداه، و المخاصمه الشديده.و الانابه: الرجوع و اعضل الامر: اشتد.ونكص على عقبيه: اى ارتد.