شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ش- قوله اذ احبط عمله الطويل: احباط العمل من وجهين: احدهما: ان يكون العمل قد اتى به المكلف المامور بجميع شرائطه و حقوقه على الوجه المامور به، من غير اخلال بشى ء من ذلك، و يكون مع ذلك صادرا عن اخلاص تام و يقين صادق، و تصديق لكل ما يجب التصديق به من معارف الدين بالادله الباهره لا بالتخمين، و مثل هذا العمل يوصل به المكلف الى منافع عظيمه بالاتفاق.ثم لا يجوز ان يبطله و يزيله شى ء لان مبطله، ان كان هو الله تعالى، فان ابطال حق الغير بلا بدل ظلم و سفه، و عبث تعالى رداء جلاله عن مثل هذه النقيصه، و ان كان غير الله تعالى من المختارين فمعلوم انه لا تعرض لغيره تعالى فى ما ياتى بها لعبد الله باثبات و ابطال، و ان كان ابطاله بطريق الايجاب فمحبطه لابد له من علقه به معقوله اما ان يكون ضدا نظرا عليه او على محله، او جاريا مجرى الضد.قد ذكرت فى كتاب لباب الالباب انه لا
تحابط و لا تنافى بين الطاعه و المعصيه، و لا بين الثواب و العقاب، اذ لا تضاد بينهما و لا ما يجرى مجراه فان نفس ما يقع طاعه يجوز ان يقع معصيه، فان القعود فى دار الغير باذنه للعباده طاعه و بغير اذنه معصيه، و تلك القعده التى فعلها باذنه كان يمكنه ان يفعلها لا باذنه و كذا فى الثواب و العقاب، لان المرجع بالثواب الى النفع و بالعقاب الى الضرر، و لا شى ء يقع نفعا الا و يجوز ان يقع ضررا بان يصادف نفارا متعلقا به.لو ثبت تضادهما لاستحال تنافيهما معدومين اذ الضد لا ينافى ضده معدوما، و التحابط عند من تجوزه انما يقع بين المستحقين من الثواب و العقاب، و هما لا يكونان مستحقين الا و هما معدومان و بسطنا القول فيه فى الكتاب المقدم ذكره على غايه ما يرام.القسم الثانى من الاحباط ان يكون العمل المحكوم عليه بالحبوط انما اخل فاعله ببعض شروطه اللازمه او لم يوقعه على الوجه المامور به عليه او فعله لا على بصيره، و يقين، بل على ظن و تخمين، فمثل هذا العمل يقال انه انحبط و احبط، بمعنى انه لم يقع على الوجه المرتضى، بحيث يستحق على شى ء، لانه استحق ثم ابطل، و كل ما ورد فى الاى و الاثار فى الاحباط، فمحمول على هذا القسم الاخير، دون الاول لقيام
الدلاله على امتناع ذلك.سوال: كيف قال عليه السلام و رجما بظن غير مصيب.و قد قال تعالى: و لقد صدق عليهم ابليس ظنه، قلنا يحتمل ان يريد بظن غير مصيب اى غير واصل هو بذلك الظن نفعا، او كان الظن غير صائب، لان مظنونه قوله لاغوينهم و غوايه من غوى انما كان من قبل نفسه و اختياره من غير ان اجبره ابليس عليها، و كان ظنه ان الغوايه يحصل باجباره خطا و غير بعيد ان يكون قوله غير مصيب منصوبا على الحال اى فعل ابليس ما فعل غير مصيب فى فعله.ان يعديكم بدائه: يعنى ابليس، قال بعض العارفين: الكبر محاربه الله تعالى و مخاصمته لان الكبرياء لا يليق الا به، قال تعالى: كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار، و قال تعالى: و خاب كل جبار عنيد، و الكبر خلق من رذائل الاخلاق، و اثره يظهر على ظاهر الانسان و هو ان يعتقد فى نفسه انه اشرف ابناء الزمان، و يتبع هذا الاعتقاد و التصوير هيات جسمانيه، يقال لها الرعونه.