شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
فصناعها
القوى التى يقال لها الجاذبه: و الماسكه، و الهاضمه، و الدافعه و الناميه، و الغاذيه، و الملك العقل، و دار ملكه القلب، و الدماغ و الوزير، القوه المفكره و مسكنه الدماغ، و صاحب البريد القوه المخيله و اصحاب الاخبار الحواس الخمس و الخازن: القوه الحافظه، و الترجمان: النطق، و آلته اللسان، و الكاتب: القوه الكاتبه، و آلتها اليد و سكانها: الاخيار و الاشرار.فالاخيار، القوى التى منها: الاخلاق الجميله، و الاشرار القوى التى منها الاخلاق القبيحه، فكما ان الوالى اذا تزكى وساس الناس بسياسه الله تعالى صار ظل الله تعالى فى الارض، وجب على الكافه طاعته، كما قال (اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اولو الامر منكم) كذلك متى كان العقل سايسا.و جبت على سائر القوى طاعته، و كما لا ينفك اشرار العالم من طلب العبث و الفساد، و تعادى الاخبار كما قال تعالى: و كذلك جعلنا فى كل قريه اكابر مجرميها ليمكروا فيها.كذلك فى نفس الانسان قوى رديه من الهواء، و الحسد، و الشهوه و تطلب الفساد و تعادى العقل و الفكر كما انه يجب للوالى ان يتبع الحق و لا يصغى الى الاشرار، كما قال: و احذرهم ان يفتنوك، كذلك يجب للعقل ان لا يعتمد على قوى الذميمه، و كما انه يجب على ال
والى ان يسالم اعاديه اذا لم يقو عليهم كما قال تعالى: و ان جنحوا للسلم فاجنح لها، و ان لا يركن اليهم و ان سالمهم كذلك يجب للعقل ان يسالم الاشرار من قوى النفس الى نقض العهد و اظهار المعاداه.كما قال تعالى: فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين الى قوله و اقعدوا لهم كل مرصد، كذلك حق العقل اذ قوى على قوى النفس ان لا يراجيها و كما ان شياطين الانس و الجن يضعف كيدها على من اختص بالايمان و استعاذ بالله و يقوى على من والاها، كما قال انما سلطانه على الذين يتولونه، كذلك يضعف كيد الهوى عن العقل، اذا تقوى بالله و استعاذ به، و قيل مثل الانسان مع قواه مثل مسافر معه، رفقاء فى السفر و هو مضطر الى مصاحبتهم حتى ينقضى سفره كما قال الشاعر: و من نكد الدنيا على الحر ان يرى عدوله ما من صداقته بدء فواحد امامه كانه رقيب يحفظه، و لكنه مموه يلفق الباطل تلفيقا فيخلط الكذب بالصدق، و آخر عن يمينه زعر يحميه عن اعادى لكن ربما يغويه فيهيج هائجه، فلا يقمعه النصح كانه نار فى حطب، و آخر عن يساره، و هو الذى ياتيه بالمطعم و المشرب لكنه ارعن ملق قذر شبق كانه خنزير جائع.من حيلته ان بسلط هذا الزعر على هذه الارض حتى يزبره زبرا، و ان يطفى ء علو هذ
ا الزعر التائه بخيلاء هذا الازعر الملق و ان لا تجنح الى الباهت المتحرص حتى يوتيه موثقا من الله غليظا ثم يصدقه فيما ينهى اليه، فالملق المموه الباهت كنايه عن الوهم، و الزعر عن الغضب و الملق الازعر عن الشهوه و فى ذلك كلام طويل فاشار اميرالمومنين عليه السلام الى تقرير هذا القوى و حفظها على حد الاعتدال حتى لا يودى الرجاء الى ذل الطمع، و الطمع الى الحرص، و الياس الى الاسف، و الغضب الى الغيظ، و غير ذلك من تفاصيل ما ذكرناه.