حدائق الناضرة فی أحکام العترة الطاهرة جلد 23
لطفا منتظر باشید ...
ثم إنهم قد اختلفوا أيضا في أنه على القولبأفضلية النكاح لمن تتق نفسه إليه هل هوأفضل من التخلي للعبادة، أم التخليللعبادة أفضل؟ قولان: و المفهوم منالأخبار المتقدمة هو الأول، سيما الأخبارالأخيرة الواردة في ترهب عثمان ابن مظعونو اختياره الصلاة على النكاح. و الأخبار الدالة على ذم العزاب، والأخبار الدالة على أن ركعتين يصليهمامتزوج خير من عزب يقوم ليله و يصوم نهاره،فإنها دالة بعمومها أو إطلاقها على أفضليةالنكاح، تاقت نفسه أم لم تتق، إذ لا تفصيلفيها. احتج من قال بالقول الثاني بما يتضمنالتزويج من القواطع و الشواغل و تحملالحقوق. أقول: لا ريب أن هذا القول إنما يتجه علىقواعد الصوفية، المعرضين عن العملبالأخبار المعصومية، المبنية قواعدمذهبهم على مجرد الاختراعات الوهمية، والخيالات الفكرية، و إلا فلا يخفى أنالقول بهذا القول موجب لرد تلك الأخبارالمتكاثرة بمجرد هذه الخيالات الفاسدة. و الآمر بذلك عالم بما يترتب عليه من هذهالأمور المذكورة، و مع ذلك حث و أكد عليهأتم الحث و التأكيد، و ليس إلا من حيثرجحانه و أفضليته، و أن هذه الأشياء موجبةلزيادة الأجر فيه. و في بعض الأخبار أن أصحاب عيسى على نبيناو آله و عليه السلام كانوا يمشون علىالماء، و أصحاب محمد صلّى الله عليه وآلهوسلّم، لم يكونوا كذلك، فقال عليه السلام،«إن هؤلاء ابتلوا بالمعاش»، و حاصله أنهؤلاء كلفوا بتكاليف شاغلة لهم عن نيل تلكالمرتبة، و من الظاهر ثبوت الأمر على هذهالتكاليف، و أن مرتبتهم في الفضل لا ينقصعن أولئك، فأولئك لتجرد نفوسهمبالرهبانية التي كانوا عليها، و السياحة والتخلي عن الدنيا بكليتها نالوا تلكالمرتبة.