حدائق الناضرة فی أحکام العترة الطاهرة جلد 23
لطفا منتظر باشید ...
من الأنصار امرأة بالمدينة، و كان النساءيتقنعن خلف آذانهن، فنظر إليها و هيمقبلة، فلما جازت، نظر إليها، و دخل فيزقاق، قد سماه يبني فلان، فجعل ينظر خلفهاو اعترض وجهه عظم في الحائط، أو زجاجة، فشقوجهه، فلما مضت المرأة، نظر فإذا الدماءتسيل على صدره و ثوبه، فقال: و الله لآتينرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولأخبرنه قال: فأتاه فلما رآه رسول اللهصلّى الله عليه وآله وسلّم قال له: ما هذا؟فأخبره فهبط جبرئيل عليه السلام، بهذهالآية قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوامِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوافُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّاللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ». أقول: فيه دلالة على جواز التقنع يومئذ،على الوجه المذكور، و عدم وجوب ستر الاذن،و نحوها، و جواز النظر لذلك، و أن تحريمالنظر إما مطلقا أو بقصد التلذذ، أو خوفالفتنة، إنما نزل على أثر هذه الواقعة،إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي لاضرورة إلى ذكرها، مع الاتفاق على الحكمالمذكور. و أما الوجه و الكفان فإنه لا خلاف أيضابينهم في تحريم النظر إليهما، مع قصدالتلذذ أو خوف الفتنة، و أما مع عدمالأمرين المذكورين، فقد اختلف الأصحاب فيذلك، فقيل بالجواز مطلقا، و إن كان علىكراهية، و نقل عن الشيخ (رحمه الله)، لقولهتعالى «وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّإِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها» و هو مفسربالوجه و الكفين، و إن ذلك مما يعم بهالبلوى، و لا طباق الناس في كل عصر، علىخروج النساء على وجه، يحصل منه بدو ذلك، منغير نكير. أقول: و يدل على هذا القول ما رواه فيالكافي عن مروك بن عبيد عن بعض أصحابنا «عنأبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: مايحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكنمحرما؟ قال: الوجه و الكفان و القدمان»، وهي صريحة في المراد، و قد تضمنت زيادةالقدمين، مع أن ظاهر كلامهم، تخصيصالاستثناء بالوجه