في تصحيح الداعى على الداعى والجواب عن اشكاله الاخير
تأثيرها و جزئيتها للاثر الوجودي : يلزم منه ان يكون المتأخر متقدما ، لان تلك العناوين بما انها من المضايفات لا يمكن انتزاعها لا بعد فعلية العلة و وجود المعلول ، فتكون انتزاعها من العلة و المعلول في رتبة واحدة .و مقتضى دخالتها في العلية تقدمها على المعلول مضافا إلى لزوم كون المتضايفات متكافئات .ثم بعد ما ثبت ان العلة للمعلول نفس ذاتها بلا دخالة تلك القيود إذا فرض كون اثر غاية لايجاد الفاعل علته ، فلا محالة يكون تصور الاثر و التصديق بفائدته و لزوم تحققه منشأ لتحريك الفاعل نحو علته ليس الا لعدم إمكان داعوية العلة الغائية إلى ما يترتب عليه الا خطأ و غلطا ، فلا محالة إذا رأى الفاعل ان الاثر مترتب على الذات بلا قيد يصير منبعثا إليها فقط و هو واضح .فحينئذ نقول ان الاجر دنيويا أو اخرويا الهيا أو خلقيا إذا فرض ترتبه على عبادة بما هى عبادة فلا محالة تكون العبادة بما هى عبادة علة لترتبه عليها لا بما انها مستعقبة للاثر أو موجبة لها لما تقدم محذور القيدية .فعليه لا يمكن ان يصير الاثر علة غائية لغير العبادة بما هى التي هى تمام العلة للاثر الذي هو فائدة وجودا و علة فاعلية الفاعل ماهية و تصورا فالقول بكون الامتثال علة ناقصة ، اما لاجل أن تلك العناوين شريكة معه في العلية فقد تقدم استحالته ، أو لاجل ان العلة و ان كانت ذاته بذاته لكن الغابة تدعو إلى العلة و غير العلة : فقد اتضح امتناعه فلا مناص عن ان تكون الغاية علة للفعل بغاية الامتثال اى بمحركيته و داعويته بلا دخالة شيء آخر و هو المطلوب .فإذا كانت الاجرة بازاء العمل بداعي الامتثال و كان الاجير بصدد تسليم مورد الاجارة لاخذ الاجرة بازاء المستأجر عليه فلا محالة ينقدح في نفسه الداعي إلى إيجاد العمل لله و بباعثية الامر العبادي بلا تشريك فيه لما عرفت من امتناعه .و بما ذكرناه يظهر النظر في الاحتمال الثالث في كلامه .ثم ان ما ذكره في معنى العلية التامة صحيح لكن لا يراد بذلك الا انها بذاتها بلاضم ضميمة اخرى و شريك في العلية علة و مؤثر ، لا انها علة حتى مع عدم علة نفسها .