في ان المتحصل مما ذكر عدم قيام دليل على الحاق ما ليس بكذب به
بيانه ان قول أبي جعفر عليه السلام على ما في رواية الصيقل ( 1 ) " ما كذب إبراهيم عليه السلام و يوسف عليه السلام " و ما عن رسول الله صلى الله عليه و آله في رواية عطا ( 2 ) " لا كذب على مصلح " ثم تلا الآية المربوطة بقضيتهما و نفى الكذب عنهما الظاهر في نفيه حكما لا موضوعا : انما يصح في فرض كون قولهما بنحو التورية إذا أريد بنفي الموضوع النفي ادعاء مع ان التورية ليست بكذب حقيقة فلا بد في تصحيح ذلك ان يقال : ان التورية مطلقا كذب ادعاء و المراد من نفيه عنهما في الروايتين نفى الحكم بلسان نفى الموضوع الا دعائي ادعاء " فتدبر " ; مع ان مقتضى دعوى كونها كذبا جوازها عند إرادة الاصلاح فان الكذب كذلك ، و مقتضى دعوى عدم كونها كذبا ادعاء عند إرادة الاصلاح عدم كون حكمها حكم الكذب الاصلاحى فيلزم منه نفى الجواز لارادة الاصلاح ، لا إثباته لذلك بل لازمه التعارض بين الروايات و الانصاف ان ما ذكرناه من الاستنتاج للتعميم : وجيه خارج عن المحاورات .فتحصل من جميع ذلك عدم قيام دليل على إلحاق ما ليس بكذب به تورية كان أو انشاء أو فعلا مع انه قد وردت التورية في روايات ظاهرة في جوازها مطلقا ، كرواية محمد بن إدريس في مستطرفات السرائر نقلا من كتاب عبد الله بن بكير بن اعين ( 3 ) عن أبي عبد الله عليه السلام " في الرجل يستأذن عليه فيقول للجارية : قولى : ليس هو ههنا قال : لا بأس ليس بكذب " ، و الظاهر ان المشار اليه كان محلا خاليا ، حتى يخرج الاخبار عن الكذب ، و مقتضى اطلاقها جواز التورية و لو لا لارادة الاصلاح .نعم في سند الروايات التي نقلها ابن إدريس من بعض الاصول ككتاب البزنطى و ابن بكير و غيرهما كلام و هو انه لم يثبت عندنا ان تلك الاصول كانت معروفة في عصر ابن إدريس نحو كتاب الكافى و التهذيب و غيرهما مما هى معروفة واضحة الصدور من أربابها بحيث لم نحتج إلى العنعنة في إثبات كونها منهم ، و لم يذكر ابن إدريس طريقه إليها ، و من المحتمل ان ثبوت كونها منهم عنده بوجوه اجتهادية و1 - و 2 - الوسائل - كتاب الحج - الباب 141 - من أبواب أحكام العشرة - تقدم البحث في سندهما 3 - الوسائل - كتاب الحج - الباب 141 - من أبواب أحكام العشرة .