في الاشارة إلى حكم العقل بقبح الكذب وعدمه
الشارع الاقدس .فنقول : يحتمل بحسب التصور ان يكون الكذب قبيحا ذاتا و يكون علة تامة له لا ينفك عنه فيكون في موارد مزاحمته مع ما هو اقبح منه باقيا على قبحه و ان جاز أو لزم ارتكابه ، لاختيار العقل اقل القبيحين ، و ان يكون مقتضيا له بمعنى ان فيه اقتضائه و يؤثر ذلك في القبح الا ان منعه مانع عن فعليته كإقتضاء النار للاحراق فلا ينافى ذلك الاقتضاء عدم التأثير فعلا .فعليه لا يكون الكذب المنجى للمؤمن من الهلكة قبيحا فعلا و معنى كونه مقتضيا انه لو لا ذلك المانع لصار فعليا فحينئذ يكون الكذب مزاحا و فى موارد لا يترتب عليه صلاح و لا فساد قبيحا لاقتضائه الذاتي و فقدان ما يمنعه عن الفعلية ، و ليعلم ان الاقتضاء و التأثير و العلية كلها ههنا ليست على حذو علل التكوين ، و ان يكون لا اقتضاء ذاتا و يكون قبحه و حسنه بالوجوه و الاعتبار و عروض جهات مقبحة أو محسنة و لا يكون قبيحا و لا حسنا مع عدم عروض شيء منهما و هذا هو المراد من كون القبح بالوجوه و الاعتبار و ان يظهر من الشيخ الانصاري ( 1 ) في المقام الثاني ما يشعر بخلاف ذلك .و الظاهر ان هذا الاحتمال اضعف الاحتمالات فان العقل يدرك قبحه و حزازته في نفسه فيرى الكذب الذي لا يترتب عليه مفسدة و مصلحة قبيحا له حزازة بلا شبهة و انما الكلام في الاحتمالين الآخرين و لا يبعد ترجيح الاول بدليل انه في المورد الذي يتوقف إنجاء النبي صلى الله عليه و آله أو المؤمن على الكذب يرى العقل انه لو كان انجائه متوقفا على الصدق كان أحسن فلا يسوى بين الكذب و الصدق التقديري في هذا المورد و هذا شاهد على ان العقل يدرك قبحه فعلا لا اقتضاء بالمعني المتقدم .و ان شئت قلت ان الكذب مع تجرده عن كافة المتعلقات و النظر إلى ذاته بذاته له قبح ما عقلا لا ينفك عنه و الجهات الخارجية لا تأثير لها في رفعه و لهذا يتمنى العاقل ان يكون الصدق مكان الكذب منجيا للنبي صلى الله عليه و آله و ليس ذلك الا لعدم رفع حزازته1 - في المسألة الثامنة عشر من النوع الرابع - في الكذب .