فيما يعتبر في العبادات من الخلوص
أمير المؤمنين عليه السلام ان هذه الآية احكم آية في كتاب الله فعليه يكون ظاهرها مرادا بلا تأول .و الظاهر منها ان عمل الخير بنفسه مورد الرؤية و يؤكده قوله : يومئذ يصدر الناس اشتاتا ليروا اعمالهم ( 1 ) فيظهر منها ان الاعمال بنفسها متجسدة مرئية فيها و الناس متلذ بها ، فلو فرض ان الآتى بالصلوة لله تعالى و المجيب لدعوة اقم الصلوة انما يأتى بها و يطيعة تعالى طمعا للوصول إلى الصورة البهية اللازمة لعلمه فهل يمكن ان يقال : عمله باطل أو يقال للجنة خصوصية .فلو قيل : ان أمثال ذلك خارج بدليل قلنا : مرجع هذا إلى عدم اعتبار الخلوص فيها و ان تلك الافعال ليست بعبادة و هو خلاف الضرورة ، فان الاجماع بل الضرورة على اعتبار الخلوص في العبادات و قصد الله مضربها ، فيكشف منهما و مما ذكرناه عقلا و نقلا انه لا يعتبر في العبادية الا الخلوص في نفس العمل اى كونه إمتثالا له تعالى من تشريك في هذه الرتبة و لا ينظر إلى مبادي التحريك .و يؤيد ما ذكرناه بل يدل عليه إطلاق ادلة الامر بالمعروف فان المعروف ان كان من العبادات و المكلف التارك كان منبعث عن امر الله تعالى فامره والده أو من يحتشم منه أو من يحبه ، و لا يرضى بمخالفته واقعا فاتى بالتكليف الالهى و امتثل امر الله اطاعة لوالده أو غيره لابد و ان تقع صحيحة و الا لزم ان يكون الامر بالمعروف معدما لموضوعه بل موجبا لا نقلا به بالمنكر فان اتيان العمل العبادي لغير الله من المنكرات .و ليس المراد بالامر بالمعروف الموعظة الحسنة بل المراد به و ما هو الواجب الامر المولوي لغرض البعث به ، و لهذا لا يجب إذا لم يحتمل التأثير فان معه لا يمكن الامر حقيقة .و بالجملة لا شبهة في وجوب الامر بالمعروف فلا بد و ان يكون الانبعات ببعث الآمر في طول الاتيان بالعمل عبادة و اطاعة لله تعالى مضر بالعبادية و هو المقصود .و يؤيد عدم مضرية وقوع الشيء طاعة و امتثالا مع عدم رجوع جميع السلسلة إلى المطاع امر الله تعالى بإطاعة رسول الله صلى الله عليه و آله و اولى الامر ( ع ) ، فلو خرج المأتي1 - سورة الزلزال - الاية 5 .