في ان حكم الشارع بالتحريم والتجويز ليس بملاك حكم العقل
و قبحه ان لزم ارتكابه و له نظائر تظهر بالتأمل .
ثم لو كان حكم الشارع بحرمته بملاك حكم العقل فلا محالة يتبعه فيه فكما ان قبحه بناء على أقوى الوجوه باق و لو مع عروض المصالح تكون حرمته ايضا باقية معذلك بناء على ما قويناه في باب تزاحم المقتضيات و باب الاهم و المهم من ان الحكم باق بفعليته في المزاحمين و فى الاهم و المهم جميعا و ان كان المكلف معذورا في ترك المهم مع الاشتغال بالاهم و فى احد المتزاحمين مع الاتيان بالمزاحم الآخر فيكون الكذب على ذلك محرما فعلا و ان كان معذورا في ارتكابه .
و اما حديث وجوبه مقدمة لانجاء النبي صلى الله عليه و آله و هو لا يجتمع مع الحرمة قد فرغنا عن تهجينه و لو قلنا بوجوب المقدمة فلا تنافي بينه و بين حرمة الكذب لما قلنا من انه على فرض وجوبها يكون متعلقه هو عنوان الموصل بما هو ، و التفصيل يطلب من مظانه و لكن الشأن في كون الحكم الشرعي بمناط حكم العقل اذ لا دليل عليه و ليس حكم العقل بقبحه في ذاته بمثابة تكشف منه الحرمة الشرعية .
بل يمكن الاستيناس لعدم وحدة المناطين بما دلت في باب جواز الكذب في الاصلاح على حب الله تعالى الكذب في الاصلاح فانه لو كانت حرمته بمناط حكم العقل لما صار محبوبا في شيء من الموارد ، لان الكذب الاصلاحى على ذلك مبغوض بذاته و ان كان العبد معذورا فيه ، فالحكم بالمحبوبية دليل على ان حكم الشارع بالتحريم و التجويز ليس بملاك حكم العقل و الحمل على المحبوبية بالعرض خروج عن ظاهر الدليل بلا دليل .
و دعوى ان القبيح عقلا لا يمكن ان يصير محبوبا شرعا : يمكن دفعها بانه وجيه لو كان المناط منحصرا بما أدركه العقل أو كان المناط بحيث يكشف حكم الشرع منه و لعل فيه مناطات اخر مجهولة علينا .
ثم بعد فرض عدم الدليل على وحدة المناط في حكم العقل و الشرع لابد من اخذ إطلاق ادلة حرمة الكذب لو كان ، و كذا الاخذ بالمخصص و المقيد و الحكم بعدم الحرمة في موردهما .