بل مقابل الاستعمال ، و اما بالنسبة إلى المعنى المراد اى الاخبار بالشجاعة فلعدم التلفظ به ، و اوضح منها الحال في الكنايات و المبالغات ، و لا مطلق الايصال إلى خلاف الواقع و الافهام له و الدلالة عليه حتى يكون مثل نصب علامة الفرسخ على ما دونه للدلالة على الفرسخ ، و إظهار الكلام جزما لا فهام اعتقاده بمضمونه ، و الاذان قبل دخول الوقت للاعلام بدخوله ، و المشي على زى الاشراف ، و الاغنياء لارائة خلاف ما هو عليه : كذبا ، و لازمه ان يكون في بعض الاحيان كذب واحد أكاذيب كثيرة ، بل محصورة كمن أخبر بان اليوم الكذائي جمعة و كان سبتا ، فان لازم كونه جمعة ان يكون بعده سبتا ، و بعد بعده احدا و هكذا و قبله خميسا و قبل قبله اربعاء و هكذا و الالتزام بها كما ترى .بل الظاهر ان الكذب بالمعني المصدري عرفا عبارة عن الاخبار المخالف للواقع .و الاخبار لم ينحصر باللفظ و القول الخارج من الفم بل يشمل الكتابة و الاشارة و نحوهما عرفا كما يطلق على ما في الصحف و المجلات و اليوميات و فى مثل المجازات و تاليتها يكون المتكلم مخبرا عن لازم كلامه لا عن مضمونه ، فالقائل بان زيدا كثير الرماد أخبر عن سخائه ، فلو لم يكن زيد شجاعا و لم يكن في كلامه تأول آخر يكون المخبر كاذبا و الخبر كذبا و كذا في النظائر ، و فى مثل جعل النصب دون الفراسخ إذا لم يكتب عليها ان هذا رأس الفرسخ لم يكن مجرد الوضع إخبارا و كذبا عرفا ، و المؤذن قبل الوقت لم يخبر بالوقت ، و الماشي على زيه لم يخبر بشيء و لا يقال انه أخبرني بكذا ، و لوازم المخبر عنه ليست باخبار ، بل الاخبار انما هو عن الملزوم و هي لوازم المخبر عنه .و ما ذكرناه هو الموافق لفهم العرف ، فعليه ليس الاخبار أو الخبر عبارة عن القول أو اللفظ المحتمل للصدق و الكذب بل اعم منه ، و مما قام مقامه ، لكن لا بنحو يشمل مطلق ماله حكاية .و لعل السر فيه ان الصدق و الكذب عبارة عن إلقاء الجملة الخبرية لا فادة مضمونها او لافادة جملة اخرى فتندرج فيهما المجازات و المبالغات و الكنايات إذا أريد بها