حينئذ الا الآباء و الامهات و الزوجات فقط فان هؤلاء فرض عليه أن يصونهم عن ذلك لقول الله عز و جل حيث يقول : ( اما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما و قل لهما قولا كريما و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ) قال أبو محمد : و صح عن النبي صلى الله عليه و آله عقوق الوالدين من الكبائر و ليس في العقوق أكثر من ان يكون الابن غنيا ذا حال و يترك اباه أو جده يكنس الكنف أو يسوس الدواب و يكنس الزبل أو يحجم أو يغسل الثياب للناس أو يوقد في الحمام و يدع امه أو جدته تخدم الناس و تسقى الماء في الطرق فما خفض لهما جناح الذل من الرحمة من فعل ذلك بلا شك ، و قال تعالى : ( و بالوالدين إحسانا و بذى القربى و اليتامى و المساكين و الجار ذي القربى و الجار الجنب و الصاحب بالجنب و ابن السبيل و ما ملكت ايمانكم ) قال أبو محمد : و قد أثبت الله عز و جل في النفوس كلها اختلاف وجوه الاحسان إلى من ذكر في هذه الآية و جاءت النصوص ببيان ذلك فالإِحسان إلى الابوين الصبر لجفائهما و توقيرهما و تعظيمهما و طاعتهما ما لم يأمر ا بمعصية قال تعالى ( ان اشكر لي و لوالديك إلى المصير و ان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما و صاحبهما في الدنيا معروفا ) فهما و ان امرا بالشرك فواجب مع ذلك ان يصحبا بالمعروف و هذا يقتضى كل ما قلنا : و الاحسان إلى ذي القربى ان يدفع عنهم الاذى . و ان يكرمهم و يحوطهم و يقوم في أمورهم و أن لا يسلمهم إلى ضرر و الاحسان إلى المساكين الصدقة بالفضل حتى يشبعوا أو يكتسبوا أو يكون لهم مرقد يأوون اليه و من يقوم بمرضاهم و الاحسان إلى اليتامى و رحمتهم و تعليمهم و القيام بهم حتى لا يضيعوا ، و الاحسان إلى الجار كف الاذى و البر و اللقاء بالبشر و الاكرام و حمايتهم من الظلم ، و كذلك الاحسان إلى الصاحب بالجنب نحو ذلك ، و الاحسان إلى ما ملكت ايماننا اطعامهم مما نأكل و كسوتهم مما نلبس و كل ذلك بالمعروف و أن لا نكلفهم ما لا يطيقون و أن لا يسبوا في واجب و أن لا يضربوا في حق فهذا كله واجب يعصى الله تعالى من ترك شيئا من ذلك : و أما صيانة الزوجة فلانه قد أوجب الله تعالى نفقتها و كسوتها و إسكانها و القيام عليها و ان كانت اغنى من الزوج و هذا يقتضى صيانتها عن كل خدمة و كل عمل له أو لغيره ، و أما كل من عدا الزوجة فلا نفقة لهم و لا كسوة و لا إسكان الا أن يكون لهم من المال أو الصنعة ما يقومون منه على أنفسهم و لا معنى لمراعاة الزمانة في ذلك ان لم يأت به قرآن و لا سنة ، فان قاموا ببعض ذلك و عجزوا عن البعض وجب على من ذكرنا أن يقوم بما عجزوا عنه فقط