قال المصنف رحمه الله تعالى .( و هل يجوز للاغنياء فيه قولان ( أحدهما ) لا يجوز و هو اختيار المزني لان الرخصة وردت في حق الفقراء و الا غنياء لا يشاركونهم في الحاجة فبقى في حقهم على الحظر ( و الثاني ) أنه يجوز لما روى سهل بن أبى حثمة قال نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن بيع التمر بالتمر الا أنه رخص في العرايا أن تبتاع بخرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا و لم يفرق و لان كل بيع جاز للفقراء جاز للاغنياء كسائر البيوع ) .( الشرح ) حديث سهل هذا رواه البخارى و مسلم رحمهما الله تعالى و غيرهما و لفظ البخارى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن بيع التمر بالتمر و رخص في بيع العرية أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطبا و لفظ مسلم قريب منه و فى رواية الترمذي زيادة و عن بيع العنب بالزبيب و عن كل تمر بخرصه بعد قوله العرايا .و اللفظ الذي ذكره المصنف لفظ رواية الشافعي كذلك عنه في السنن من رواية المزني و فى المسند من رواية الربيع في السنن العرايا و فى المسند العرية و فيهما يأكلها أهلها رطبا و الاهل الذين يأكلونها رطبا هم المشترون بلا شك و فى رواية البخارى الاخرى يبيعها أهلها فجعل الاهل بائعين و يصح إطلاق الاهل على كل منهما على البائع قبل البيع و على المشترى بعده لكن قوله يأكلونها رطبا لا يصلح أن يعود على الاهل البائعين لانهم لا يأكلونها رطبا بل يأخذون الثمن فهو عائد على معلوم في النفس و ان لم يجرى له ذكر أى يأكلها الذين يبتاعونها رطبا و قد يتعسف متعسف فيجعل الاهل في قوله يبيعها أهلها منصوبا و يكونوا مشترين لا بائعين أى يبيعها من أهلها و يصح عود الضمير عليه بعد ذلك ان كان باع لا يتعدى إلى مفعولين لنفسه و الله أعلم .و الخرص بالكسر تقدم التنبيه عليه ( و أما ) حكم المسألة ففيها طريقان ( أصحهما ) القطع بعموم الرخصة للاغنياء و الفقراء و هذه الطريقة مقتضى كلام أبى حامد و المحاملي كما ستعرفه و نسبها الماوردي إلى جمهور الاصحاب و هي الظاهرة من كلام الشافعي ( و الثانية ) فيها قولان و هي التي