فرع قد ذكرنا أن العقد المطلق محمول علي شرط التبقية
و ليس ذلك سعيا في التصحيح و لا في الافساد بل هو واقع من ضرورة القيد ( و أما ) القياس على ما بدا صلاحها فلا يصح لوجهين ( أحدهما ) أنه يدفع النص ( و الثاني ) أن ما بدا صلاحه يخامر العاهة و القياس على المشروط القطع مردود بتقدير أن المطلق يقتضى التبقية و القياس على الرهن فجوابه أن لنا في رهنها قبل بدو الصلاح قولين فان جوزنا فلان الرهن و الهبة و الوصية لا ضرر في عقدها قبل بدو الصلاح لانه لاعوض في مقابلتها بخلاف البيع فانها إذا تلفت ضاع الثمن ثم اعترضوا بما قدمته من راوية زيد ابن ثابت و قوله ان النهى كان كالمشورة و قد تقدم الكلام فيه و أجاب أصحابنا أيضا عنه بوجهين ( أحدهما ) أن تأويل الراوي مرجوع اليه إذا احتمل الخبر أمرين و المراد أحدهما بالاجماع كتفسير التفرق في خيار المتبايعين و كقوله إلا ها و ها تفسير عمر له ( أما ) في تخصيص العموم و مخالفة الظاهر فلا ( و الثاني ) أن ظاهر راوية زيد و قوله انه حضر تقاضيهم انه كان قد وقع على شرط التبقية و لا يقال وقت التقاضي بعد مدة إذا كان مشروطا و هذا الظاهر مشروط بالاجماع لانه متى شرط التبقية بطل ثم لاوجة لتمسك الحنفية به لانهم يمنعون شرط التبقية بعد بدو الصلاح كما يمنعونه قبله و الحديث المذكور يقتضى الفرق بين الحالتين و حمل الغزالي في التحصين المشورة في ذلك على تعرف أحوال الثمرة و نجاتها من العاهة و أن ذلك لا يحصل الا بالزهو فلما عرف العلة بالمشورة أثبت حكم الشرع بناء على العلة كما قال للسائل ( أ ينقص الرطب إذا جف ) و دليله أنه لما ذكر حالة الاحتياج قال فبم يأخذ أحدكم مال أخيه فهذا يدل على تحريم أخذ المال مع توقع الهلاك على قرب ( قلت ) و قد قدمت ما يرجح تأويله ذلك و قد صح عن زيد بن ثابت أنه لم يكن يبيع ثمار أمواله حتى تطلع الثريا فيتبين الاحمر من الاصفر و روى عن ابن عمر و ابن عباس رضى الله عنهم أنه لا يباع حتى يؤكل من الثمر قال الشيخ أبو حامد و لا مخالف لهما من الصحابة و الله أعلم .( فرع ) قد ذكرنا أن العقد المطلق محمول على شرط التبقية لانها المعتاد فلو كان في البلاد الشديدة البرد كرم لا تنتهى ثمارها إلى الحلاوة و اعتاد أهلها قطع الحصرم ففي بيعها وجهان عن الشيخ أبي محمد أنه يصح من شرط القطع تنزيلا لعادتهم الخاصة منزلة العادات العامة فيكون المعهود كالمشروط و امتنع الاكثرون من ذلك و لم يروا تواطؤ قوم مخصوصين بمثابة العادات العامة و هذا الخلاف يجرى فيما