مجموع فی شرح المهذب جلد 11
لطفا منتظر باشید ...
أن علة الرخصة لهم الحاجة فإذا ورد الترخيص مطلقا في موضع آخر لم يجب تقييدها بذلك المعنى الذي ظنناه و هو الحاجة ليس معتبرا بل كانت الرخصة لهم لانهم أصحاب الواقعة و غيرهم في حكمهم و أما أن تكون حاجتهم اقتضت مشروعية ذلك لهم و لغيرهم فان الحكم قد ثبت عاما لمعنى موجود في بعض الناس كقوله تعالى ( و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث ) و المراد إما الصحابة و العرب و إما النفوس الكريمة و على كل تقدير فهم بعض الامة فما تنفر عنه طباعهم فهو الخبائث و ما تميل اليه فهو الطيبات و غيرهم تبع لهم في ذلك و قد يكون الحكم ثابتا لعلة توجد في الكثير قطعا و تعدم في القليل قطعا كالاسكار و قد يكون ثابتا لعلة في زمان النبي صلى الله عليه و سلم ثم زالت كالرمل المشروع لاظهار الجلد و القوة قال ابن عبد السلام ( 1 ) و بقاء هذا الحكم لسبب يخلف ذلك السبب الاول و هو انا نتذكر في زماننا سبب هذا الفعل لان النفس طالبة للتعليل فنطلع على السبب الاول فنعلم حينئذ أن الله تعالى كثرنا بعد القلة و أعزنا بعد الذلة و أن الاسلام أظهره الله على الدين كله و نتذكر أحوال السلف الصالح و هذه فائدة جاءت استطرادا ( فان قلت ) لم يرد أيضا لفظ مطلق في الرخصة من الشارع حتى يتمسك به و إنما الالفاظ التي وردت في ذلك كلها من الرواة يذكرون أن النبي صلى الله عليه و سلم أرخص في العرايا و هذه حكاية حال لا عموم فيها و لا إطلاق فجاز أن يكون مرادهم بتلك الرخصة التي صدرت هامش ( 1 ) بياض بالاصل