( فرع ) في مذاهب العلماء في استحباب جلسة الاستراحة : مذهبنا الصحيح المشهور أنها مستحبة كما سبق و به قال مالك بن الحويرث و أبو حميد و أبو قتادة و جماعة من الصحابة رضي الله عنهم و أبو قلابة و غيره من التابعين قال الترمذي و به قال اصحابنا و هو مذهب داود و رواية عن احمد و قال كثيرون أو الاكثرون لا يستحب بل إذا رفع رأسه من السجود نهض حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود و ابن عمر و ابن عباس و أبي الزياد و مالك و الثورى و أصحاب الرأي و أحمد و اسحق قال قال النعمان ابن ابى عباس أدركت واحد من أصحاب النبي صلي الله عليه و سلم يفعل هذا و قال احمد بن حنبل أكثر الاحاديث علي هذا و احتج لهم بحديث " المسي صلاته " و لا ذكر لها فيه و بحديث وائل بن حجر المذكور في الكتاب قال الطحاوي و لانه لا دلالة في حديث أبى حميد قال و لانها لو كانت مشروعة لسن لها ذكر كغيرها ( و احتج ) اصحابنا بحديث مالك بن الحويرث انه " رأى النبي صلى الله عليه و سلم يصلي فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوى قاعدا " رواه البخارى بهذا اللفظ و رواه ايضا من طرق كثيرة بمعناه عن ابى هريرة ان النبي صلى الله عليه و سلم قال في حديث المسي صلاته " اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حت تطمئن جالسا " رواه البخارى في صحيحه بهذا اللفظ في كتاب السلام و عن ابى حميد و غيره من الصحابة رضى الله عنهم انه وصف صلاة النبي صلي الله عليه و سلم فقال " ثم هوى ساجدا ثم ثنى رجله و قعد حتى رجع كل عظم موضعه ثم نهض : و ذكر الحديث " فقالوا صدقت رواه أبو داود و الترمذي و قال حديث حسن صحيح و إسناد ابى داود اسناد صحيح علي شرط مسلم و قد سبق بيان الحديث بطوله في الركوع و الجواب عن حديث المسي صلاته ان النبي صلى الله عليه و سلم انما علمه الواجبات دون المسنونات و هذا معلوم سبق ذكره مرات و اما حديث وائل فلو صح وجب حمله علي موافقة غيره في إثبات جلسة الاستراحة لانه ليس فيه تصريح بتركها و لو كان صريحا لكان حديث مالك بن الحويرث و أبي حميد و أصحابه مقدما عليه لوجهين ( أحدهما ) صحة أسانيدها ( و الثاني ) كثرة رواتها و يحتمل حديث وائل أن يكون رأى النبي صلي الله عليه و سلم في وقت أو أوقات تبينا للجواز و واظب على ما رواه الاكثرون و يؤيد هذا أن النبي صلي الله عليه و سلم قال لمالك بن الحويرث بعد أن قام يصلي معه و يتحفظ العلم منه عشرين يوما و أراد الانصراف من عنده إلى أهله " اذهبوا إلي أهليكم و مرهم و كلموهم وصلوا كما رأيتموني أصلي " و هذا كله ثابت في صحيح البخارى من طرق فقال له النبي صلي الله عليه و سلم هذا و قد رآه يجلس للاستراحة فلو لم يكن هذا هو المسنون لكل أحد لما أطلق صلي الله عليه و سلم قوله " صلوا كما رأيتموني أصلي " و بهذا يحصل الجواب عن فرق أبى اسحق