الصورة الأُولى
ربّما يقال بجريان الاستصحاب بأنّ العلم بوجود الفرد الخاص في الخارج يلازم العلم بحدوث الكلّي فيه، وبارتفاع الفرد الخاص يشكّ في ارتفاع الكلّي، وذلك لاحتمال قيام فرد آخر مكانه لأجل مصاحبته معه، فلم تختل أركان الاستصحاب من اليقين السابق والشكّ اللاحق.
وقد ذهب الشيخ إلى التفصيل بين هذه الصورة والصورة التالية فقال بحجية الاستصحاب في الأُولى دون الثانية، قال: أو التفصيل بين القسمين فيجري في الأوّل (دون الثاني) لاحتمال كون الثابت في الآن اللاحق هو عين الموجود سابقاً فيتردّد الكلي المعلوم سابقاً، بين أن يكون وجوده الخارجي على نحو لا يرتفع بارتفاع الفرد المعلوم ارتفاعه، وأن يكون على نحو يرتفع بارتفاع ذلك الفرد، فالشكّ حقيقة إنّما هو في مقدار استعداد ذلك الكلي.(1)
يلاحظ عليه: أنّ المراد من الكلّي كما عرفت هو ذات الطبيعي، والمفروض أنّه يتكثّر مع تكثّر الأفراد، فليس الطبيعي موجوداً شخصيّاً قائماً بجميع الأفراد، بل هو أمر واحد نوعي يتكثّر مع تكثّر الأفراد، فنسبة الطبيعي إلى الأفراد كنسبة الآباء إلى الأولاد فعند ذلك فالمتيقّن هو الطبيعي الموجود في ضمن الفرد الأوّل، والمحكوم بالبقاء هو الطبيعي الموجود في ضمن الفرد الثاني فكانت القضية المشكوكة غير القضية المتيقّنة.
ومنشأ الخلط هو خلط الوحدة المفهومية النوعية، مع الوحدة المصداقية فالإنسان واحد بالنوع أي مفهوماً وليس هو المستصحب، ومتعدد مصداقاً
1. الفرائد:372.