المجاعة فقد كانوا يقتسمون البرَّ باحمال البعير والأكيسة المعينة.
هذا كلّه حول مجهولية العوض، وأمّا جواز الضمان بما لم يجب، فقد فصل المشهور بين ما إذا لم يكن هناك مقتض للضمان فلا يجوز، وما يكون هناك مقتض وسبب وإن لم يكن هناك علّة تامة، ولذلك جوّزوا ضمان الدرك و هو تضمين المشتري المتاع الذي يشتريه من البائع حيث يضمنه شخص ثالث لاحتمال كونه مالاً للغير، فالمقتضي موجود، و هو العقد و شراء المال، و هذا المقدار يكفي في صحة التضمين، والمقام أيضاً من هذا القبيل، لأنّ عقد الجعالة صار مقتضياً لاشتغال ذمة الجاعل بالأُجرة فيصح أن يضمنه شخص ثالث.
3. جواز الضرب بالضغث مكان الضرب بالسوط
روى المفسرون أنّأيّوب ـ عليه السلام ـ حلف على امرأته لأجل إبطائها «لئن عوفي ليضربنّها مائة جلدة» فلما عوفي ـ عليه السلام ـ ، خوطب بقوله: (خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضرِب بِهِ وَلا تَحْنَثْ إنّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ العَبْدُ إِنَّهُ أَوّاب).(1)
والضغث ملء الكف من الحشيش و الشماريخ و ما أشبه ذلك، فاستدل بالآية على أنّه يجوز لمن حلف أن يضرب مائة سوط، أن يبدلها إلى ضغث من الحشيش والشماريخ.
يلاحظ عليه: أنّالاستدلال مبني على سدّ باب بعض الاحتمالات، وهو انّ إجراء الحد مشروط بقابلية المحدود عليه، فلو انتهى إجراء الحد إلى موته أو إلحاق الضرّ الكثير به سقط الحد، ولعلّ زوجة أيّوب كانت من هذا الصنف، إذ عند ما حلف أيّوب لم يكن بأس من إجراء الحدّعليها، وبما انّمرضه قد طال فصارت
1. ص: 44 .