في الآراء كما طرأ على غيرهم، فانّ الإمام الشافعي له آراء قديمة قبل أن يحطّ الرحل في مصر، وآراء جديدة بعد نزوله بها وهكذا عند غيره.
وهذا الاحتمال في حقّ أئمّة أهل البيت من الوهن بمكان، فإنّهم ـ عليهم السلام ـ عيبة علم رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وخزنة معارفه فلا يصدرون إلاّ عن علم ورثوه عن النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ أو يلقى في روعهم بما انّهم محدَّثون، وكون الإنسان محدَّثاً لا يلازم كونه نبيّاً طرفاً للوحي، فإنّ مريم البتول كانت محدّثةولم تكن نبية وقد أوضحنا ذلك في بحوثنا العقائدية.
الثاني: انّ العامل الخارجي أوجد هذا القلق والاضطراب في الأحاديث، ولأجل ذلك قام الشيخ الطوسي بتأليف كتاب مستقل في جمع ما اختلف من الأخبار، أسماه «الاستبصار فيما اختلف من الأخبار»، وهانحن نشير إلى تلك العوامل الخارجية التي أوجدت التعارض، وهي:
1. حدوث التقطيع في الروايات
روى أهل السنّة عن النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ أنّه قال:« إنّ اللّه خلق آدم على صورته»، فصار ذلك مستمسكاً للمشبِّهة قائلين بأنّ الضمير في «صورته» يرجع إلى اللّه سبحانه مع أنّ الإمام الرضا ـ عليه السلام ـ كشف النقاب عن وجه الرواية وقال: «قاتلهم اللّه حذفوا أوّل الحديث ، انّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ رأى رجلين يتسابّان، فسمع أحدهما يقول لصاحبه:
قبّح اللّه وجهَك ووجهَ من يُشْبِهُك، فقال ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ: يا عبد اللّه لا تقُل هذا لأخيك فانّ اللّه عزّو جلّ خلق آدم على صورته».(1) وقد تطرّق هذا الأمر إلى
1. توحيد الصدوق: الباب 12، الحديث 10 و11.