الأمر الرابع عشر
في اختصاص القاعدة بالذاكر دون الغافل القطعي
الظاهر اختصاص القاعدة بمن اشتغل بالعمل عن ذُكر إجمالي ولكنّه يحتمل عروض الغفلة عليه فيترك الجزء والشرط.
وأمّا لو علم بغفلته حين العمل ولكنّه يحتمل انطباق العمل على الواقع من باب الصدفة والاتّفاق، كما لو توضّأ ولم يحرّك خاتمه ولكن يحتمل وصول الماء إلى تحته صدفة، فلا تجري القاعدة، بل مجراه ما إذا كان انطباق العمل على الواقع معلولاً لكونه مريداً لإبراء ذمّته، لا لانطباقه عليه من باب الصدفة.
وبعبارة أُخرى: القاعدة تعالج الشكّ النابع من احتمال عروض الغفلة، وأمّا الشكّ النابع من واقع تكوينيّ، وهو: هل اتصال الخاتم بالاصبع على نحو يمنع من وصول الماء أو لا يمنع؟ فلا تعالجه، لأنّ الوصول وعدمه ليس له صلة بالأذكرية والأقربية، بل نسبته وعدمه إليهما على وجه سواء.
وبعبارة ثالثة: انّ مصب القاعدة ما إذا لم تكن صورة العمل محفوظة حتى يختلف حال المكلّف إلى حين العمل وحين الشكّ، وأمّا إذا كانت صورة العمل محفوظة على وجه يكون شاكاً في كلتا الحالتين، فلا تكون مجرى للقاعدة وفي المقام لو التفت حين العمل بأنّه اغتسل من غير تحريك لخاتمه يشك كشكّه بعد العمل.
ويدلّ على ما ذكرنا أُمور:
الأوّل: ما دلّ على أنّ العامل حين العمل أذكر وأقرب إلى الحقّ من حين الشكّ، وهذا يستلزم أن تكون الحالتان مختلفتين من حيث الذكر والقرب إلى