المقام الأوّل
ما هو المقصود من اليد في القاعدة؟
اليد في اللغة هي الجارحة، ولكنّها استعيرت في المقام للاستيلاء، وما ذلك إلاّ لأنّ الاستيلاء يتحقّق غالباً باليد دون سائر الأعضاء، ولذلك نرى أنّه سبحانه ينسب المعاصي إلى اليد مع أنّها تتحقّق بغيرها أيضاً، يقول سبحانه: (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيديكُمْ وَانَّ اللّهَ لَيْسَبِظَلاّم لِلْعَبيد) .(1)
ويوضح ذلك انّ اليد كانت هي الوسيلة الوحيدة لحيازة الأشياء للإنسان البدائي، فكان يصيد باليد ويحوز بها، وبها يجتني الثمرة من الشجرة ويعدّ نفسه أولى، ولذلك نرى أنّ الإمام عليّاً ـ عليه السلام ـ يعبر عن استيلاء المجاهدين على الغنائم بالاجتناء باليد ويقول لعبد اللّه بن زمعة: «إنّ هذا المال ليس لي ولا لك، فإن شركتَهم في حربهم كان لك مثل حظهم، وإلاّ فجَناةُ أيديهم لا يكون لغير أفواههم».(2)
وعلى ذلك صار العقلاء وجعلوا اليد آية الملكية، ويراد منها مطلق الاستيلاء سواء تحقّق باليد الجارحة أو غيرها، مع العلم بأنّ استيلاء كلّ شيء بحسبه، فالاستيلاء على الفرس بالركوب عليه لا بوضع اليد، والاستيلاء على البيت بالإسكان فيه، والاستيلاء على الحديقة والمعدن والسيارة بحسبها، وكلّما
1. آل عمران:182. ولاحظ الروم:41; البقرة:195 وغيرها.2. نهج البلاغة، الخطبة 232.