أمّا الأوّل: فلأنّه خلط بين المُنشأ والمنتزع، والمنشأ هو الحكم الشرعي الشرطي، أي حرمة العنب عند الغليان، وهو أمر حقيقي، وأمّا ما ذكره من أنّمعناه أنّ العنب لو انضم إليه الغليان لترتب عليه الحرمة فهو أمر انتزاعي من الحكم الشرعي.
وأمّا الثاني: فلأنّ مقطوع البقاء هو الحكم الكلّي (العنب إذا غلى يحرم)، و أمّا عند التطبيق على الخارج و طروء بعض الحالات على القضية فتصبح مشكوكة، كما إذا جفّ العنب المعين و صار زبيباً، فحينئذ يشك في بقاء الحكم الشرعي، فيستصحب.
إجابة أُخرى عن إشكال صاحب المناهل
ثمّإنّ المشايخ أجابوا عن إشكال المناهل بجواب آخر، و هو: أنّ المستصحب ليس هو الحكم التكليفي، أعني: الحرمة، حتى يقال بأنّه لا وجود للمعلّق، وإنّما المستصحب هو الحكم الوضعيّ، أي الملازمة بين الغليان والحرمة، فنقول كانت الملازمة بين العنب والغليان موجودة فنشك في بقائها عند تبدّل العنب بالزبيب وهي محقّقة وليست بمعدومة.
وأورد عليه المحقّق النائيني: بأنّ الملازمة والسببية لا تنالها يد الجعل الشرعي فلا يجري الاستصحاب فيها، لأنّه يشترط في المستصحب أن يكون حكماً شرعياً أو موضوعاً لحكم شرعي و ليست الملازمة منهما.
يلاحظ عليه : بأنّه يشترط في المستصحب أن يكون أمره بيد الشارع وضعاً و رفعاً، والمقام كذلك، لأنّ الملازمة منتزعة من حكم الشارع بالحرمة عند الغليان، وهذا المقدار كاف في كون المستصحب من الأُمور الشرعية كاستصحاب الجزئية