تتعلّق بها يد الجعل، لإمكان التفكيك بين الدلوك والسببية، وعلى ذلك فلا مانع من تعلّق الجعل التشريعي بالسببية، بعد إيجاد الدلوك تكويناً.
القسم الثاني: ما تناله يد الجعل تبعاً لا استقلالاً
إنّ القسم الثاني عبارة عن الجزئية والشرطية و المانعية والقاطعية، لما هو جزء المكلّف به وشرطه ومانعه وقاطعه، فقد اختار أنّه لا يتطرق إليها الجعل التشريعي بالأصالة ، فلا يصحّ جعلها ابتداء وإنّما يجعل تبعاً للأحكام التكليفية ـ قال: وجه ذلك انّ اتصاف شيء بجزئية المأمور به أو شرطيته أو غيرهما لا يكاد يكون إلاّ بالأمر بجملة أُمور مقيدة بأمر وجودي أو عدمي، ولا يتصف شيء بذلك أي كونه جزءاً أو شرطاً للمأمور به إلاّ بتبع ملاحظة الأمر بما يشتمل عليه مقيداً بأمر آخر، وما لم يتعلّق به الأمر كذلك لما صحّ وصفه بالجزئية أو الشرطية وإن أنشأ الشارع له الجزئية أو الشرطية ابتداءً.
وجعل الماهية وأجزائها ليس إلاّ تصوير ما فيه المصلحة المهمة الموجبة للأمر بها، فتصورها بأجزائها وقيودها لا يوجب اتصاف شيء منها بجزئية المأمور به أو شرطيته قبل الأمر بها، فالجزئية للمأمور به أو الشرطية له إنّما ينتزع لجزئه أو شرطه بملاحظة الأمر به بلا حاجة إلى جعلها له، وبدون الأمر به لا اتصاف بها أصلاً وإن اتصف بالجزئية أو الشرطية للمتصوّر أو لذي المصلحة.(1)
وحاصل ما أفاده: أنّ أمر هذه الأُمور دائر بين كون الجعل فيها محالاً، أو تحصيلاً للحاصل، فلو استقل بالجعل قبل الأمر بالمأمور به، فهو محال، لعدم اتصاف الأجزاء بالمأمور به قبل الأمر ولو قام بالجعل بعد الأمر بالكل، فهو أمر
1. الكفاية:3/305.