التفصيل الأوّل
التفصيل بين الشكّ في المقتضي والرافع
ذهب الشيخ إلى حجّية الاستصحاب عند الشكّ في الرافع دون الشكّ في المقتضي، وأمّا ما هو مراده من الشكّ فيهما فيظهر ممّا ذكره الشيخ عند تقسيم الاستصحاب باعتبار الشكّ المأخوذ فيه قال: إنّ الشكّ في بقاء المستصحب قد يكون من جهة المقتضي، و المراد به الشكّ من حيث استعداده وقابليته في ذاته للبقاء، كالشكّ في بقاء الليل والنهار، وخيار الغبن بعد الزمان الأوّل وقد يكون من جهة طروء الرافع مع القطع باستعداده للبقاء.(1)
أ: انّ الشيخ أخذ هذا التقسيم عن طريق النظر إلى الكون، فإنّ عالم الكون مليء بالموجودات وهي على قسمين، فتارة يُحرز اقتضاء بقاء الموجود ويُشكّ في حدوث الرافع، كالمصباح المشتعل المليء بالزيت فنشكّ في إصباحه لأجل هبوب الرياح عليه، فالمقتضي موجود والشكّ في رافع أثر المقتضي، بخلاف ما إذا شككنا في إصباحه لأجل وجود الزيت فيه، أو لا.
ونظير ذلك ما إذا شككنا في بقاء حياة الفيل في حديقة الحيوانات أو الغابات والأحراش لأجل طروء مرض عليه، فالمقتضي موجود والشكّ في الرافع، بخلاف ما إذا تردّد الحيوان بين كونه فيلاً أو بقّاً بعد مضي زمن لا يعيش فيه البقُّ،
1. الفرائد:327، طبعة رحمة اللّه.